للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّوْبَةُ إِلَى عُمَرَ فَرَّقَ بَيْنَهُمْ (١) .

وَمِنْ ذَلِكَ قِيَاسُ أَبِي بَكْرٍ تَعْيِينَ الْإِمَامِ بِالْعَهْدِ عَلَى تَعْيِينِهِ بِعَقْدِ الْبَيْعَةِ، حَتَّى إِنَّهُ عَهِدَ إِلَى عُمَرَ بِالْخِلَافَةِ وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ الصَّحَابَةُ (٢) .

وَمِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ: " اعْرِفِ الْأَشْبَاهَ وَالْأَمْثَالَ ثُمَّ قِسِ الْأُمُورَ بِرَأْيِكَ ".

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ عُمَرَ: " أَقْضِي فِي الْجَدِّ بِرَأْيِي، وَأَقُولُ فِيهِ بِرَأْيِي "، وَقَضَى فِيهِ بِآرَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ (٣) .

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ لَمَّا سَمِعَ حَدِيثَ الْجَنِينِ: " لَوْلَا هَذَا لَقَضَيْنَا فِيهِ بِرَأْيِنَا ".


(١) قَدْ يَمْنَعُ ذَلِكَ مَنْ يَقُولُ إِنَّ خِلَافَةَ أَبِي بَكْرٍ ثَبَتَتْ بِالنَّصِّ كَابْنِ حَزْمٍ، وَعَلَى ذَلِكَ يَكُونُ أَبُو بَكْرٍ فِي عَهْدِهِ إِلَى عُمَرَ بِالْخِلَافَةِ مُتَأَسِّيًا بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا قَائِسًا نَفْسَهُ عَلَيْهِ، وَبِتَقْدِيرِ أَنَّ خِلَافَةَ أَبِي بَكْرٍ ثَبَتَتْ بِالْبَيْعَةِ فَقَطْ لَا يَتَعَيَّنُ قِيَاسُ الْعَهْدِ عَلَى الْبَيْعَةِ طَرِيقًا لِإِثْبَاتِ الْخِلَافَةِ لِعُمَرَ، بَلْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عَهْدُ أَبِي بَكْرٍ إِلَيْهِ مِنْ تَصَرُّفَاتِ الْإِمَامِ الَّتِي لَهُ بِاخْتِيَارِ الْأُمَّةِ إِيَّاهُ وَوَضْعِهِمُ الثِّقَةَ فِيهِ، أَعْنِي أَنَّ ذَلِكَ امْتِدَادٌ لِتَصَرُّفَاتِهِ الَّتِي لَهُ بِاخْتِيَارِهِمْ إِيَّاهُ خَلِيفَةً، وَأَثَرٌ مِنْ آثَارِ بَيْعَتِهِمْ لِأَبِي بَكْرٍ.
(٢) كِتَابُ عُمَرَ إِلَى أَبِي مُوسَى رَوَاهُ ابْنُ حَزْمٍ فِي الْجُزْءِ السَّابِعِ مِنْ كِتَابِ الْأَحْكَامِ لَهُ مِنْ طَرِيقَيْنِ: الْأُولَى فِيهَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ. . . . . إِلَخْ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَعَبْدُ الْمَلِكِ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ سَاقِطٌ بِلَا خِلَافٍ وَأَبُوهُ مَجْهُولٌ، وَذَكَرَ أَنَّ فِي الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ أَرْبَعَةً مَجْهُولِينَ وَأَنَّهَا مُنْقَطِعَةٌ، ارْجِعْ إِلَيْهِ فِي تَفْصِيلِ الْقَوْلِ عَلَى الْأَثَرِ وَإِلَى إِعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ لِابْنِ الْقَيِّمِ.
(٣) أَقْوَالُ عُمَرَ الْمُخْتَلِفَةُ فِي الْجَدِّ وَقَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَزَيْدٍ وَغَيْرِهِمْ فِي الْجَدِّ ذَكَرَهَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنَ الْمُجَلَّدِ الثَّالِثِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>