للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ أَنَّهُمَا قَالَا: (لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالْقِيَاسِ ; لَكَانَ الْمَسْحُ عَلَى بَاطِنِ الْخُفِّ أَوْلَى مِنْ ظَاهِرِهِ) .

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} ، وَلَمْ يَقُلْ بِمَا رَأَيْتَ، وَلَوْ جُعِلَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْكُمَ بِرَأْيِهِ لَجُعِلَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ، وَقَالَ: إِيَّاكُمْ وَالْمَقَايِيسَ، فَإِنَّمَا عُبِدَتِ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِالْمَقَايِيسِ، وَقَالَ: (إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْكُمَ فِي دِينِهِ بِرَأْيِهِ) .

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: (السُّنَّةُ مَا سَنَّهُ رَسُولِ اللَّهِ، لَا تَجْعَلُوا الرَّأْيَ سُنَّةً) ، وَقَالَ أَيْضًا: (إِنَّ قَوْمًا يُفْتُونَ بِآرَائِهِمْ لَوْ نَزَلَ الْقُرْآنُ لَنَزَلَ بِخِلَافِ مَا يُفْتُونَ) ، وَقَالَ أَيْضًا: (اتَّهِمُوا الرَّأْيَ عَلَى الدِّينِ، فَإِنَّهُ مِنَّا تَكَلُّفٌ وَظَنٌّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا) .

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: (إِذَا قُلْتُمْ فِي دِينِكُمْ بِالْقِيَاسِ أَحْلَلْتُمْ كَثِيرًا مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ وَحَرَّمْتُمْ كَثِيرًا مِمَّا حَلَّلَ اللَّهُ) ، وَقَالَ أَيْضًا: (قُرَّاؤُكُمْ صُلَحَاؤُكُمْ يَذْهَبُونَ، وَيَتَّخِذُ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا يَقِيسُونَ مَا لَمْ يَكُنْ بِمَا كَانَ) .

وَقَالَتْ عَائِشَةُ: (أَخْبِرُوا زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ أَنَّهُ أُحْبِطَ جِهَادُهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ بِفَتْوَاهُ بِالرَّأْيِ فِي مَسْأَلَةِ الْعِينَةِ) .

وَقَدْ أَنْكَرَ التَّابِعُونَ ذَلِكَ أَيْضًا حَتَّى قَالَ الشَّعْبِيُّ: (مَا أَخْبَرُوكَ عَنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ فَاقْبَلْهُ وَمَا أَخْبَرُوكَ عَنْ رَأْيِهِمْ فَأَلْقِهِ فِي الْحُشِّ) ، وَقَالَ مَسْرُوقٌ: (لَا أَقِيسُ شَيْئًا بِشَيْءٍ أَخَافُ أَنْ تَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا) ، وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَذُمُّ الْمَقَايِيسَ وَيَقُولُ: (أَوَّلُ مَنْ قَاسَ إِبْلِيسُ) .

وَمَعَ هَذِهِ الْإِنْكَارَاتِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنِ فَلَا إِجْمَاعَ.

سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَظْهَرِ النَّكِيرُ فِي ذَلِكَ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ سُكُوتُ الْبَاقِينَ عَنْ مُوَافَقَةٍ، لِمَا ذَكَرَ فِي الْإِجْمَاعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>