العلامة المتقن المحرر الفهامة القدوة الأمة والرحلة العمدة الإمام الهمام، شيخ مشايخ الإسلام، أبو الصدق تقي الدين ابن الشيخ العلامة أقضى القضاة ولي الدين ابن قاضي عجلون الزرعي الدمشقي الشافعي. ولد بدمشق في شعبان سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، واشتغل على والده وأخيه شيخ الإسلام الشيخ نجم الدين، وعلى شيخ الإسلام زين الدين خطاب، وسمع الحديث على المسند أبي الحسن علي بن إسماعيل بن بردس البعلي، والحافظ شمس الدين بن ناصر الدين وغيرهما، وأخذ عن ابن حجر مكاتبة، والعلم صالح البلقيني، والشمس المناوي، والجلال المحلي. وكان إماماً بارعاً في العلوم، وكان أفقه زمانه، وأجل معاصريه وأقرانه، ودرس بالجامع الأموي والشامية البرانية والعمرية وبالقاهرة دروساً حافلة. وألف منسكاً لطيفاً، وكتاباً حافلاً سماه " أعلام التنبيه، مما زاد على المنهاج من الحاوي والبهجة والتنبيه "، انتهت إليه مشيخة الإسلام ورئاسة الشافعية ببلاد الشام بل وبغيرها من بلاد الإسلام، وحصل له من السعد في العلم والرئاسة وكثرة التلامذة، وقرة العين بهم في دمشق ما حصل لشيخ الإسلام زكريا بالقاهرة إلا أن القاضي زكريا زاد عليه في السعادة بكثرة التصانيف وتحقيقها - رحمهما الله تعالى - وبرع أكثر تلاميذ صاحب الترجمة في حياته كالشيخ شمس الدين الكفرسوسي، والشيخ تقي الدين البلاطنسي، والسيد كمال الدين بن حمزة والقاضي رضي الدين الجد، وشيخ الإسلام الوالد، والشيخ بهاء الدين الفصي البعلي، والشيخ تقي الدين القاري، والشيخ علاء الدين القيمري، والشيخ شرف الدين يونس العيثاوي وغيرهم، وأخبرني شيخنا المعمر المقرئ المجيد ولي الله تعالى البدري حسن الصلتي القبيباتي الدمشقي. الصالحي، المتوفى في أواخر سنة إحدى وتسعين وتسعمائة أنه قرأ على الشيخ تقي الدين صاحب الترجمة، وتفقه به، وأخذ عنه الحديث وغيره، فهو آخر من يروي عنه بلا شك ولا ريب، وحدثني شيخنا - فسح الله تعالى في أجله - مراراً عن والده الفقيه العلامة شرف الدين يونس العيثاوي، عن مشايخه، عن الشيخ العلامة نجم الدين ابن قاضي عجلون أنه كان إذا ذكر أخوه الشيخ تقي الدين يقول: لولا أنه يقبح بالإنسان أن يمدح أخاه لقلت ما تحت أديم السماء أفقه منه، وحدثني شيخنا عن والده أيضاً مراراً أن أهل مصر كانوا يقفلون محابرهم إذا قدمها الشيخ تقي الدين، ويقولون: جاء ابن قاضي زرع، ويخلون له أمر الفتوى، وقال ابن طولون: عرضت عليه محفوظاتي وأجازني، وكتب لي خطه بذلك، وفي غضون ذلك حضرت عنده عدة مجالس، واستفدت منه فوائد، وكثيراً من فتاويه قال: وقد جمعها شيخنا الشهاب بن طوق،