للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذيل عليها ما قاله أخونا النجمي بن شكم. قال: ولما قدم لدمشق العالم الرحال جار الله بن فهد المكي، قرأ عليه مسند الشافعي، وغالب مشيخة الفخر بن البخاري، وبعض مناسك له وغير ذلك، وترجمه شيخ الإسلام الوالد في بعض مؤلفاته، ثم قال: وقد قرأت عليه جانباً كبيراً من العجالة نحو ثلثيها ومثله من التصحيح أكبر لأخيه، وسمعت عليه جانباً كبيراً من البخاري، وآخر من مسلم، ومن سنن أبي داود، وأجازني بها وبجميع الكتب الستة، وكل ما يجوز له وعنه روايته. قال: وأفتيت ودرست في أيامه مدة طويلة، وقرأت عليه منظومتي المسماة " باللمحة، في اختصار الملحة "، وابتهج به كثيراً، وكان يعجب بي كثيراً، ويثني علي في غيبتي جميلاً، انتهى.

وأخذت من تاريخ ابن طولون وغيره جملاً من سيرته - رضي الله تعالى عنه - كان - رحمه الله تعالى - مرجع الناس في حل المشكلات والمعضلات، وبيان الأحكام الشرعية، والقيام في أمور العامة على الحكام وغيرهم، وكان ينكر على كثير من المتصوفة المنتحلين لأمور ينكرها ظاهر الشرع، وقام على الشيخ شمس الدين العمري المتصوف مراراً، ومنعه من التكلم، وأدبه وزجره عن مطالعة كتب ابن العربي، وعن ما كان يقع منه من الشطحيات، ثم لما وقع اعتقاد العمري في قلب السلطان قايتباي، وسافر إليه العمري، وشكى من الشيخ تقي الدين، فطلب الشيخ تقي الدين " هو والشيخ محب الدين الحصني بسببه إلى القاهرة مع أن الشيخ تقي الدين " كان مذهبه السكوت في أمر ابن العربي، وعدم الإنكار. ولما قدم الشيخ العلامة برهان الدين البقاعي دمشق في سنة ثمانين وثمانمائة تلقاه الشيخ تقي الدين هو وجماعة من أهل العلم إلى القنيطرة، ثم لما أتف كتابه في الرد على حجة الإسلام الغزالي في مسألة " ليس في الإمكان، أبدع مما كان "، وبالغ في الإنكار على ابن العربي وأمثاله حتى أكفر بعضهم. كان الشيخ تقي الدين ممن أنكر على البقاعي ذلك، وهجره بهذا السبب خصوصاً بسبب حجة الإسلام تقي الدين مرة أخرى في أيام الغوري بسبب فتياه في واقعة ابن محب الدين الأسلمي المعارضة لفتيا تلميذه وابن أخته السيد كمال الدين بن حمزة، وطلب هو والسيد وجماعة إلى القاهرة بهذا السبب، وغرم بسبب ذلك أموالاً كثيرة حتى باع أكثر كتبه بهذا السبب، وانتهى الأمر آخراً على العمل بفتياه، وإعادة تربة ابن محب الدين المهدومة بفتوى الشيد كما كانت عملاً بما أفتى به الشيخ تقي الدين كما ذكره الحمصي في تاريخه. وعاد الشيخ تقي الدين هو وولده الشيخ نجم الدين إلى دمشق، وقد ولي ولده المذكور قضاء قضاة الشافعية لما قد استوفيت القصة في ترجمة السيد كمال الدين، وأضر الشيخ تقي الدين آخراً، وغلب عليه في آخر عمره الرقة والخوف والاعتراف بالتقصير. حدثني شيخنا - فسح الله تعالى في

<<  <  ج: ص:  >  >>