وكان طويل القامة، نير الشيبة، مهيباً، من رآه لا يشك أنه من كبار العلماء، وعظام النبلاء غير أنه كان يخضب لحيته بالسواد في أول شيبه، ثم ترك آخراً، وله من المؤلفات حاشية على شرح المنهاج للمحلي، وحاشية على شرح الكافية المتوسط للسيد ركن الدين، ومن شعره ما كتبه على غطاء علبة:
إلهي فاحفظني وقال: اتكشف الغطا ... إذا ما كشفت السر عن كل مضمر
ولكن غطاء القلب، فاكشفه سيدي ... وأشهدني الأسرارفي كل مظهر
وقال رحمه الله تعالى:
إذا ما نالت السفهاء عرضي ... ولم يخشوا من العقلاء لوما
كسوت من السكوت فمي لثاماً ... وقلت: نذرت للرحمن صوما
وقال في مؤذن اسمه قاسم، ولم يكن حسن الصوت:
إذا ما صاح قاسم في المنار ... بصوت منكر شبه الحمار
فكم سبابة في كل أذن ... وكم سبابة في كل دار
توفي بحلب في رييع الأول سنة خمس وعشرين وتسعمائة بعد أن ألمت به كائنة بغير حق من قبل قاضي حلب زين العابدين محمد بن الفناري، وقد أشرنا إليه في ترجمة المذكور، وفي تاريخ ابن طولون أنه مات قهراً بسبب تلك الكائنة، ولم تطل مدة القاضي بعدها كما تقدم، وكان للصلاة على الشيخ بدر الدين مشهد عظيم بالجامع الكبير بحلب، ودفن في مقابر الحجاج، ووضع تحت رأسه طاقية كان قد وهبها له الشيخ الصالح علاء الدين علي بن يوسف ابن صبر الدين الجبرتي بوصية منه. ورآه أحد ولديه في المنام، وهو يشكو من سقوط لبن القبر على ضلعه، فتوجه إليه ولده والحاج أبو بكر الحجار، المعروف بابن الحصينة، فنظرا، فإذا هو قد سقط قال أبو بكر: فكشفت عليه، فوجدته لم يتغير، ولا ظهر له رائحة كريهة، وإنما انقطع الكفن من عند كتفه قليلاً.
وصلي عليه غائبة بدمشق في الجامع الأموي يوم الجمعة بعد صلاتها رابع ربيع الثاني من سنة خمس وعشرين المذكورة - رحمه الله تعالى -.
٣٨٢ - حسن بن عمر الحبار الرحيبي: حسن بن عمر. وقال الشيخ موسى الكناوي: حسن بن محمد الشيخ الصالح المبارك الحبار الدوباي الرحيبي نسبة إلى الرحيبة من عمل دمشق عنها يوماً ونصف يوم، ثم الدمشقي. كان من عباد الله تعالى الصالدين، وأوليائه المقربين، وكان يعمل الحبر المليح ويبيعه ويقتات من كسب يمينه، وكان لا يلقى أحداً إلا