للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجري إليه الماء خارج كفر كنا، وكان يفتي أهل تلك البلاد، ويقريء الطلبة بها في الفقه والفرائض والحديث والنحو، ومكث على ذلك قريباً من خمسين سنة، وكان صوته في القراءة لطيفاً، ومع ذلك كان يسمعه من يتسمع لقراءته، وهو يتهجد في هدو الليل من نحو ميل، وكان في صوته رقة وتحنن، وحكى سبطه الشيخ موسى عن رجل سكن كفركنا أربعين سنة، ولازم الشيخ عبد الله في تلك المدة في صلاة الفجر كل يوم أنه لم يرى الفجر سبق الشيخ عبد الله قط. بل كان هو دائماً يسبق الفجر، وسبب ذلك أن الشيخ عبد الله لما ذهب إلى القدس الشريف للاشتغال على الشيخ الإمام، الفقيه العارف بالله تعالى شهاب الدين بن أرسلان الرملي، ثم المقدسي - قدس الله تعالى سره - أقام الشيخ عبد الله المذكور بالمدرسة الختنية جوار المسجد الأقصى عند الشيخ شهاب الدين مدة، فخرج الشيخ شهاب الدين في ليلة من الليالي آخر الليل، فوجد الطلب منهم من يقرأ القرآن، ومنهم من يدرس في قراءة العلم، ومنهم من يصلي، ومنهم من يذكر الله تعالى، ووجد الشيخ عبد الله هذا نائماً، فوكزه الشيخ شهاب الدين برجله، فجلس فزعاً، فقال له: يا ولدي أرسلك أهلك لتشتغل بالعلم أو بالنوم؟ فاستمر الشيخ عبد الله لا ينام في تلك الساعة ببركة الشيخ شهاب الدين بن أرسلان - رضي الله عنه - وكانت وفاة الشيخ عبد الله ببلدة كفركنا من أعمال صفد في غرة شوال سنة اثنتي عشرة وتسعمائة، وهي في عشر التسعين - بتقديم التاء المثناة - رحمه الله تعالى ٤٤٧ - عبد الله المصري: عبد الله القاضي جمال الدين المقريء المصري الحنفي نزيل دمشق باشر نيابة القضاء بها عن قاضي القضاة محي الدين عبد القادر بن يونس الحنفي، وتوفي بدمشق يوم الخميس رابع ربيع الأول سنة ثمان عشرة وتسعمائة رحمه الله.

٤٤٨ - عبد الباسط بن محمد بن الشحنة: عبد الباسط بن محمد بن محمد، الشيخ الفاضل الذكي أبو الفضل محب الدين ابن قاضي القضاة أثير الدين بن قاضي القضاة محب الدين بن الشحنة الحنفي. ولد بالقاهرة سنة سبع وسبعين وثمانمائة، وسمع بها الحديث على جده المحب وعلى الجمال بن شاهين سبط الحافظ بن حجر، وعلى والده الأثير، ثم قدم حلب مع والده، فقرأ في العربية والمنطق في العلائي قل دروس وغيره، وتفرغ له والده عن خطابة الجامع الكبير بحلب وغيرها، ثم عاد إلى القاهرة في دولة الملك الأشرف قايتباي، فاعتنى به، وولاه نظر الجوالي بدمشق، فلم يزل بها حتى مات في سنة ثلاث وتسعمائة رحمه الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>