للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٤٩ - عبد البر بن محمد بن الشحنة: عبد البر بن محمد بن محمد قاضي القضاة، أبو البركات، سري الدين، ابن قاضي القضاة أبي الفضل محب الدين ابن قاضي القضاة أبي الوليد محب الدين أيضاً ابن الشحنة، الحنفي. ولد بحلب سنة إحدى وخمسين وثمانمائة، ثم رحل إلى القاهرة، فاشتغل في علوم شتى على شيوخ متعددة، ذكرهم السخاوي في ترجمته في " الضوء اللامع " منهم والده، وجده، ودرس وأفتى، وتولى قضاء حلب، ثم قضاء القاهرة، وصار جليس السلطان الغورقي وسميره. قال الحمصي: وكان عالماً متفنناً للعلوم الشرعية والعقلية. قال ابن طولون: ولم يثن الناس عليه خيراً، وذكر الحمصي أن عبيد السلموني شاعر القاهرة هجاه بقصيدة قال في أولها:

فشا الزور في مصر، وفي جنباتها ... ولم لا وعبد البر قاضي قضاتها

وعقد على السلموني بسبب ذلك عقد مجلس في مستهل المحرم سنة ثلاث عشرة وتسعمائة بحضرة السلطان الغوري، وأحضر في الحديد، فأنكر، ثم عزر بسببه بعد أن قرئت القصيدة بحضرة السلطان، وأكابر الناس، وهي في غاية البشاعة والشناعة، والسلموني المذكور كان هجاء خبيث الهجو ما سلم منه أحد من أكابر مصر، فلا يعد هجوه جرحاً في مثل القاضي عبد البر، وقد كان له في ذلك العصر حشمة وفضل، وكان تلميذه القطب بن سلطان مفتي دمشق يثني عليه خيراً، ويحتج بكلامه في مؤلفاته، وكان ينقل عنه أنه أفتى بتحريم قهوة البن، وله - رحمه الله تعالى - مؤلفات كثيرة منها شرح منظومة بن وهبان، في فقه أبي حنيفة النعمان، ومنها شرح الوهبانية، في فقه الحنفية، وشرح منظومة جده أبي الوليد بن الشحنة التي نظمها في عشرة علوم، وكتاب لطيف في حوض دون ثلاث أذرع. هل يجوز فيه الوضوء أو لا. وهل يصير مستعملاً بالتوضؤ فيه أولاً؟ ومنها " الذخائر الأشرفية، في الغاز الحنفية "، وله شعر لطيف منه قوله من قصيدة مفتخراً:

أضار وما مناقبي الفخار ... وبي والله للدنيا الفخار

بفضل شائع، وعلوم شرع ... لها في سائر الدنيا انتشار

وهمة لوذع شهم تسامى ... وفوق الفرقدين لها قرار

وفكر صائب في كل فن ... إلى تحقيقه أبداً يصار

<<  <  ج: ص:  >  >>