للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم التقينا، وشاهدت العجائب من ... عزيزعلم حمته دقة النظر

فقلت حينئذ: والله ما سمعت ... أذناي أحسن مما قد رأى بصري

وبالجملة فقد اجتهد صاحب الترجمة - رحمه الله تعالى - على طلب العلم، وأكب على خصيله حتى صار فقيه حلب ومفتيها، وأخذ عنه فضلاؤها كالبرهان العمادي، والزين بن الشماع، وكان مع براعته في الفقه، حسن العبارة، شديد التحري في الطهارة، طارح التكلف، ظاهر التقشف، حسن المحادثة، حلو المذاكرة، اتفق أكثر الخواص والعوام على محبته والثناء عليه، وكانت علامة القبول والصدق ظاهرة في أقواله وأفعاله وحكي عنه أنه حضر عقد مجلس صار بدار العدل بحلب، فجلس بعض الجهلة في مكان أرفع من مكانه، فلامه بعض الأكابر على ذلك، وقال له: لم تركته يجلس فوقك؟ فقال: والله يا أخي لو جلس فوقي لرضني رضا. قلت: واتفق نظير ذلك للشيخ الزاهد العلامة شهاب الدين الطيبي الدمشقي، حضر مجلساً، فجلس من هو دونه مرتفعاً عليه في المجلس، فقيل له: يا مولانا لم مكنته من الجلوس فوقك؟ قال: إنه لم يجلس فوقي، ولكن جلس إلى جنبي. قال ابن الحنبلي: وكان يعني الأبار. يقول: كما أخبرني عنه بعض أحفاده نحن من بيت بماردين مشهور ببيت رسول. قال: وجدنا الشيخ أرسلان الدمشقي غير أني لا أحب بيان ذلك خوفاً من أن أنسب إلى تحميل نسبي على الغير، وأن يقدح في بذلك. انتهى.

قلت: لكن المشهور أن الشيخ أرسلان الدمشقي لم يعقب كما أجاب بذلك الشيخ الحافظ العلامة برهان الدين الناجي حين سئل عن ذلك، وألف في ذلك مؤلفاً لطيفاً، وكانت وفاة صاحب الترجمة في ذي القعدة سنة أربع عشرة وتسعمائة بحلب، وتحرير وفاته كما في تاريخ الحمصي يوم الثلاثاء خامس عشر شهر ذي القعدة المذكورة رحمه الله تعالى رحمةً واسعة.

٤٩١ - عبد القادر بن محمد بن حبيب: عبد القادر بن محمد بن عمر بن حبيب الشيخ العالم الزاهد العارف بالله تعالى الصفدي الشافعي صاحب التائية المشهورة، أخذ العلم والطريق عن الشيخ العلامة الصالح شهاب الدين بن أرسلان الرملي صاحب الصفوة وعن غيره، وكان خامل الذكر بمدينة صفد، مجهول القدر عند أهلها لا يعرفون محله من العلم والمعرفة، وكان يقرىء الأطفال، ويباشر وظيفة الأذان حتى لقيه سيدي علي بن ميمون، فسمع شيئاً من كلامه، فشهد له ذوقه بأنه من أكابر العارفين، وأعيان المحبين، فهناك نشر ذكره

<<  <  ج: ص:  >  >>