للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا الفأر والحيات فإن كلاً منهما مفسد فى الأرض، فالحيات مسلطة على الفار، والفار مسلطة على الناس، وكذلك العوام سلط بعضهم على بحض، فسلط الله تعالى الحكام عليهم، وكما أنه لا بد أن يسقط على الحية قاتلاً يقتلها أو يأتيها أجلها سلط على الظالم ظالماً آخر، وكان شديد الإنكار على علماء عصره، وكان يسمي القضاة القصاة والمشايخ المسايخ، والفقيه الفقيع من فقع اللبن إذ فسد، وكان من كلامه لا ينفع الدار إلا ما فيها، وكان يقول أيضاً: لا تشتغل بعد أموال التجار وأنت مفلس، وكان يقول: أسلك ما سلكوا تدرك ما أدركوا، وكان يقول: لا تخلطوا الحقائق ويستدل بقوله تعالى: " ولا تلبسوا الحق بالباطل " " سورة البقرة: الآية ٤٢ " وكان يقول: عجبت لمن يقع عليه نظر المفلح. كيف لا يفلح قلت: وهو منقول عن سيدي أحمد بن الرفاعي - رضي الله تعالى عنه - وكان يقول: يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه، ولا يبصر الجذع في عينه. قلت: هو حديث رواه الإمام أحمد من طريق أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - ولفظه يبصر أحدكم القذى في عين أخيه، وينسى الجذع في عينه، وكان يقول: كنزك تحت جمارك، وأنت تطلبه من عند جارك، وله كلام غير هذا، وله من المؤلفات شرح الجرومية على طريقة الصوفية، وكتاب " غربة الإسلام، في مصر والشام "، وما والاهما من بلاد الروم والأعجام، ورسائل عدة منها " بيان فضل خيار الناس، والكشف عن مكر الوسواس "، " ورسالة الإخوان، من أهل الفقه وحملة القرآن "، و " كشف الإفادة، في حق السيادة "، و " مواهب الرحمن، وكشف عورات الشيطان "، و " تذكرة السالكين "، و " تذكرة المريد المنيب، بأخلاق أصحاب الحبيب "، كنا في ترجمته لابن طولون ورسالة لطيفة سماها " تنزيه الصديق، عن وصف الزنديق "، ترجم فيها الشيخ محيي الدين بن العربي، وذكر في أولها أن سبب تأليفها أنه دخل دمشق في سنة أربع وتسعين وثمانمائة، فسمع عن بعض أهلها استنقاص الشيخ محيي الدين بعد أن زار الشيخ عبد القادر ابن حبيب الصفدي بها في شعبان من هذه السنة، وهو الذي عرفه بابن العربي، وبمقامه في الصالحية. قال: وكنت أسمع به في المغرب، ولا أدري من حاله سوى أنه من أهل العلم والخير، فقصدت زيارته، فانتهيت إلى حمام يقال له: حمام الجورة، فسألت من الحمامي أن يفتح لي باب مقامه، فصعد من بعض الجدران، وفتح في باب مقامه، فوجدته ليس فيه أثر العواد، وفيه عشب يابس يدل على أن أحداً لا يأتيه إلى أن قال: ثم قعدت عند قدميه الكريمتين كما ينبغي. بل أقول قعدت على سوء الأدب إذ هو أن أقف خارج المقام بالكلية في مقام السائل المقتر لكن أخطأت. وأسأل الله تعالى بلطفه أن يتوب علي من ذلك. قال: ثم رأيت في مشهد قبره عند رأسه حجراً مكتوباً فيه قوله تعالى: " ادع إلى سبيل ربك " " سورة النحل: الآية ١٢٥ " الآية، فعند ذلك قوي نور اعتقادي في الشيخ، وتزايد نوراً على نور حتى ملأ ظاهري وباطني، وكنت قصدت بلاد ابن عثمان رجاء الجواز من هناك إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>