واقعاً من ولائها في برود ... نسجها محكم بصنع الأيادي
وظلال من فيضة سابغات ... لم يزل في جبرها في اشتداد
إلى أن قال:
يا ولي الوجود عطفاً على من ... هو في منتداك في خير باد
ما له غير ظل جودك ظل ... فهو يغدو به على كل عاد
دمت للعالمين بحر علوم ... يرتوي منه كل صاد وغاد
ولشيخ الشيوخ نجلك سعد ... ذو نحوس من مالك الأسعاد
ومعاليه قرة لعيون ... من سؤال ومحنة للأعادي
ما أديل اللقاء من يوم بين ... وأعاد السرور لطف المعاد
ولما دخل شيخ الوالد بلاد الروم، أكرم السيد عبد الرحيم مثواه، وعرف أكابر الموالي بمكانته في العلوم وزكاه، وحصل بينهما في تلك الرحلة من لطيف المحاورة، وعجيب المسايرة، ما هو أرق من النسيم، وأعذب من التسنيم، وأخذ كل واحد منهما عن الآخر ومن أراد الوقوف على تفصيل ذلك فليراجع رحلة الشيخ الوالد المسماة بالمطالع البدرية في المنازل الرومية، وهذه التسمية من لطائف السيد عبد الرحيم أيضاً ومن غريب ما ذكره الوالد عنه في الرحلة المذكورة، ما سمعه السيد في المنام وقد مات السلطان سليم رحمه الله تعالى وأخفي موته إلى أن يحضر ولد السلطان سليمان:
قل لشياطين البغاة اخسئوا ... قد أوتي الملك سليمان
وكان مصداق هذه الواقعة ما شاع واشتهر من العدل، الذي حصل في دولة السلطان سليمان - رحمه الله تعالى - واشتداد بأسه، في جهاد أهل الكفر والطغيان، بحيث أنه أعدل ملوك بني عثمان، ولذلك طالت مدته واتسع له الزمان، وكم للسيد المذكور رحمه الله تعالى في فتوحات السلطان سليمان ووقائعه، من قصيد نضيد خصوصاً في فتح رودس، وذكر صاحب الشقائق للسيد المشار إليه ترجمة مليحة، أثنى عليه فيها ثناء بالغاً وقال: كانت له يد طولى وسند عال في علم الحديث ومعرفة تامة بالتواريخ والمحاضرات والقصائد الفرائد، وكان له إنشاء بليغ ونظم حسن مليح إلى أن قال وبالجملة كان من مفردات العالم صاحب خلق عظيم وبشاشة، ووجه بسام لطيف المحاورة، عجيب النادرة، متواضعاً متخشعاً أديباً لبيباً يبجل الصغير ويوقر الكبير، وكان كريم الطبع سخي النفس مباركاً مقبولاً، قال: وجملة القول فيه أنه كان بركة من الله في أرضه وذكر أيضاً أنه دخل القسطنطينية في زمن السلطان بايزيد مع رسول أتاه من قبل الغوري، وكان القاضي يومئذ المولى ابن المؤيد فزاره السيد فأكرمه، وكان له شرح