على البخاري أهداه إلى السلطان بايزيد فأعطاه السلطان جائرة سنية ومدرسته التي بناها بالقسطنطينية ليقرىء فيها الحديث، فلم يرض ورغب في الذهاب إلى الوطن، ثم لما انقرضت دولة الغوري، أتى إلى القسطنطينية، وأقام بها وعين له كل يوم خمسون عثمانياً على وجه التقاعد، قلت قرأت بخط السيد رضي الله عنه أنه ألف شرح البخاري بالقاهرة، سنة خمس أو ست وتسعمائة، وله شرح آخر عليه مبسوط ألفه بالروم، والظاهر أنه لم يتم وشرح على مقامات الحريري، حافل جداً وقطعة على الإرشاد في فقه الشافعية، وشرح على الخزرجية في علم العروض، وشرح على شواهد التلخيص ولما كان شيخ الإسلام الوالد بالروم لخص شرح الشواهد المذكورة في كتب مؤلفه، للسيد عبد الرحيم استوفى فيه مقاصده وزاد عليه لطائف كثيرة، وسماه تقريب المعاهد في شرح الشواهد، ثم بلغني بعد ذلك أن السيد لخص كتابه في مختصر لطيف بالغ في اختصاره جداً، وكتبه برسم بعض الموالي وأما شعر السيد فإنه في الطبقة العليا من الحسن والبلاغة، مع إتقان النكات البديعية فيه وقد كتب شيخ الإسلام الوالد عنه جملة صالحة من قصائده ومقاطيعه في الرحلة وغيرها، ومن ألطفها قوله:
إن رمت أن تسبر طبع امرىء ... فاعتبر الأقوال، ثم الفعال
وإن تجدها حسنت مخبراً ... من حسن الوجه، فذاك الكمال