للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى، وصحب الشيخ عمر رجل رافضي، وطلب منه أن يكون من فقرائه، فقبله الشيخ على ما فيه من عوج، فلما طالت صحبته مع الشيخ توهم الشيخ فيه الصدق قال له الشيخ يوماً: يا فلان خطر لي أن أزور غداً جبل قاسيون، ولا يكون معي غيرك، فجئني في غد مبكراً، فلما أصبح غداً على الشيخ فخرج الشيخ عمر من زاويته، والرجل معه حتى كان في أثناء الجبل أظهر الشيخ عمر الإعياء والعجز عن المشي والحركة، حتى تحير الرجل في أمره، وقد قرعتهما الشمس فقال الرجل: غرقنا يا سيدي أنا أحملك على ظهري فقال له الشيخ: أكلفك وأخاف المشقة عليك لكن ما بقي لي مجال للمشي، ولا خطوة، ثم قعد الرجل، وحمل الشيخ على ظهره، فمشى به خطوات وأعيى ووقف فقال له الشيخ: ما بالك. قال: يا سيدي أعييت حتى أستريح، فلما تحقق ذلك الشيخ منه قال له: يا هذا اشتهر عند الناس أن الرافضة حمير اليهود، ويركبونهم يوم القيامة على الصراط، ويكبكبون جميعاً في النار وأنت الآن تدعي صحبتي، وعجزت عن حملي في هذا الطريق الواسع، فبالله عليك إن كان في قلبك شيء من البدعة، وبغض الشيخين، فارجع عنه وتب إلى الله تعالى، فبكى ذلك الرجل بكاء شديداً، واعترف ببدعته وأقلع إلى الله تعالى منها، وصار يثني على أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما بعد ذلك وصار من مريدي الشيخ حقيقة بعد ذلك ووقائع الشيخ عمر كثيرة، ولطائفه في سلوكه وتشكيته الخواطر شهيرة، ومن لطائف ما اتفق للشيخ محمد الزغبي المجذوب، وكان من جماعته الملازمين له مدة أن الزغبي كان يجلس في مجلس الشيخ عمر، والخواطر تشكى إليه، والزغبي ساكت لا يشكو إليه خاطراً، فقام في بعض الأيام رجل من الفقراء فقال للشيخ عمر: يا سيدي خاطر فقال له الشيخ: قل لي: قال: ما بال الشيخ محمد الزغبي لم يشك إليك خاطراً قط فقال الشيخ: والله ما أدري ولكن قولوا له، ثم قال له: الشيخ يا محمد يا زغبي لماذا لا تشكو إلينا كما تشكو الفقراء، فقام الزغبي فقال يا سيدي: خاطر فقال الشيخ عمر: قل لي فأنشد الزغبي:

ويأبى علي الشكوى إليك مذلة ... واش تنفع الشكوى لمن لا يزيلها

وكان للشيخ عمر ولدان، أحدهما علي والآخر محمد، فكناه بأحد ولديه فقال الشيخ عمر لذلك الرجل الذي شكى الخاطر في سكوت الزغبي، هذا جواب خاطرك، ولو سكت عنه كان خيراً لك، ولنا وكان عيسى باشا كافل المملكة الشامية، يعتقد الشيخ عمر اعتقاداً زائداً، وكان سبب اعتقاده فيه فيما بلغني أنه امتحنه فبعث إليه ثمانين ديناراً ذهباً، فردها عليه وقال: نحن في كفاية وغنية عنها، ولا يجوز لنا تناولها إلا مع الاضطرار، ولا إضطرار لنا، فكان ذلك سبب اعتقاده وكان يتردد إليه في كل جمعة مرة أو مرتين، ويشكو إليه الخواطر، وأخذ عنه

<<  <  ج: ص:  >  >>