شيخ الإسلام وابن شيخ الإسلام العارف بالله وابن العارف به الأستاذ ابن الشيخ شمس الدين ابن أبي الحسن البكري الصديقي، المصري الشافعي. مشهور الآفاق قال الشعراوي: حجبت معه مرتين، فما رأيت أوسع منه خلقاً، ولا أكرم نفساً، ولا أجل معاشرة، ولا أحلى منطقاً درس، وأفتى في علم الظاهر، والباطن، وأجمع أهل الأمصار على جلالته، ونشأ رضي الله تعالى عنه كما نشأ والده على التقوى، والورع، والزهد، وعز النفس حتى أتته الدنيا، وهي راغمة قال: وأعرف من مناقبه ما لا يقدر الأقران على سماعه انتهى.
أخذ العلوم عن والده، وغيره، وأخبرني الدرويش محمد القدسي نزيل دمشق قال: حدثنا الأستاذ سيدي محمد البكري قال: كان أول فتوحي إني كنت يوماً جالساً أطالع في كتاب الفتوحات للشيخ محيي الدين بن العربي، فدخل علي الأستاذ والدي فقال لي: يا محمد ما هذا الكتاب؟ فقلت: يا سيدي فتوحات ابن العربي قال فقال: هذه فتوحات ابن العربي فأين فتوحاتك أنت؟ قال: ففتح لي من ذلك الوقت، وتركت الفتوحات، وغيره. ولما دخل شيخ الإسلام الوالد مصر حاجاً منها في سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة. كان الشيخ أبو الحسن قد توفي قريباً وكان حضوره مصر تقريراً لسيدي محمد البكري، وتثبيتاً له، وبلغني أنه حضر أول مجالسه، وكان سيدي محمد يعترف للشيخ بالأستاذية. كما كان أبوه يعترف لأبيه، ويعتقد أنه لولا الشيخ رضي الدين ما حصل لهم من الفتح، واللسان، والمعرفة ما فتح، وأضاف سيدي محمد البكري في التاريخ المذكور شيخ الإسلام الوالد، وحضر تلك الضيافة من أكابر مصر إذ ذاك جماعة، وحدثني الخوجا إبراهيم بن عثمان بن مكسب قال: كنت لا أقول أن في الدنيا مثل شيخ الإسلام الشيخ بدر الدين والدك، وقد دخلت مكة والمدينة واليمن، ومصر، وغيرها، وكنت يوماً ببعض أسواق مصر فمر الشيخ محمد البكري، فرأيت الناس أكبوا عليه وقبلوا يده فقلت مساكين أهل مصر كيف لو رأوا شيخ الإسلام بدر الدين؟ فلما حاذاني سيدي محمد البكري قبلت يده فأمسك على يدي، وقال لي: انظر الشيخ بدر الدين الغزي شيخنا. وأستاذنا، ولكن الاعتقاد مليح، فوقع كلام الشيخ في قلبي، ثم ترددت إليه، وكان هذا سبب اعتقادي فيه. وله رضي الله تعالى عنه تآليف، ورسائل في السلوك وغيره وقفت له على