يا لهف نفسي عليه كيف غيب في ... بطن الثرى، وهو بحر العلم قد زبدا
يا حسرتي، وهو طود الفضل شامخه ... فكيف وارته تحت الأرض كف ردى
يا من غدا طالباً للعلم مجتهداً ... خفض عليك، فسوق الفضل قد كسدا
أبكيه ما دمت حياً بالدموع وقد ... قل البكاء له مني، وإن نفذا
أبكيه ما دمت في الدنيا رهين أسى ... ولا أرى بعده لي عيشة رغدا
إن كان قد فارق الدنيا فلا أسف ... فإنه بنعيم الخلد قد سعدا
فإنه قال مولانا وسيدنا ... نبينا من إلى السبع العلى صعدا
قولاً عظيماً عجيباً فيه منقبة ... أتى به المصطفى الهادي الشفيع غدا
بأن عالمنا مثل النبي غدا ... في سالف الدهر فأفهمه تحز رشدا
وقال الشيخ أحمد العناياتي النابلسي شاعر دمشق:
ألم تر عقد الفضل كيف تبددا ... وعطل منه إذ تحلى به الردى
فنوء المعاني كيف تهوى نجومها ... فما للندى نوء ولا نور للهدى
أرى الدهر يرمي نفسه بمصائب ... ويهدم ما من شامخ العز شيدا
تحلى بصداء العلوم، فكيف قد ... تحلأ عنها ظامياً يشتكي الصدى
لذاك تراه شائب اليوم لابساً ... على فقد مولاه من الليل أسودا
وليس الشتا والصيف إلا مدامعاً ... لمقلته أو حر قلب توقدا
لقد أسعدت عيناي عينيه بالبكا ... وناوحت بالشجو الحمام المغردا
على كامل لم ألف من حر فقده ... على الأرض يطفي الحزن ماء مبردا
لو أني أعطى في المنايا لي المنى ... فدا ألف عين فاضلاً كيف أوحدا
فكيف بمن في نابلوس ومهجتي ... فديت أبا المجد الهمام أبا الفدا
لقد ثكلتك الشام واحد عصره ... عقمن الليالي مثله أن تولدا
وقد فقدت منه المدارس بدرها ... إذا قال أبصرت الفصيح تبلدا
إمام إذا قال الكلام تزال لا ... يزال بسيف من ذكاه مؤيدا
يشوقك وجهاً يملأ العين بهجة ... وصدراً بعقد الاجتهاد مقلدا
فيا عمدة الطلاب كيف تركتهم ... حيارى وكل منشد فيك مرشدا
وحزت المعاني والبيان مطول ... عليك يبكي عبدها منك سيدا