الإمارة «١» . وكان أبوه من الفرسان غير النّبهاء. فأمّا ابنه منذر، فكان فارسا نقيّ الفروسة «٢» ، خارجا عن مدى الجهل، يتمسك بطرف من الكتابة السّاذجة. وكان على غدره، كريما، وهب قصّاده مالا عظيما، فوفدوا عليه، وعمرت لذلك حضرته سرقسطة، فحسنت أيامه، وهتف المدّاح بذكره.
وفيه يقول أبو عمرو بن درّاج القسطلّي قصيدته المشهورة، حين صرف إليه وجهه، وقدم عليه في سنة ثمان وعشرين وأربعمائة «٣» : [الكامل]
بشراك من طول التّرحّل والسّرى ... صبح بروح السّفر لاح فأسفرا
من حاجب الشمس الذي حجب الدّجى ... فجرا بأنهار الذّرى «٤» متفجّرا
نادى «٥» بحيّ على الندى ثم اعتلى ... سبل «٦» العفاة مهلّلا ومكبّرا
لبّيك أسمعنا نداك ودوننا ... نوء الكواكب مخويا أو ممطرا
من كلّ طارق ليل همّ «٧» ينتحي ... وجهي بوجه من لقائك أزهرا
سار ليعدل عن سمائك أنجمي ... وقد ازدهاها عن سناك محيّرا
فكأنما أعدته «٨» أسباب النّوى ... قدرا لبعدي عن يديك مقدّرا «٩»
أو غار من هممي فأنحى شأوها ... فلك البروج مغرّبا ومغوّرا
حتى علقت النّيّرين فأعلقا ... مثنى يدي ملك الملوك النّيّرا
فسريت في حرم الأهلّة مظلما ... ورفلت في خلع السّموم مهجّرا
وشعبت أفلاذ الفؤاد ولم أكد ... فحذوت من حذو الثّريّا منظرا
ستّ تسرّاها «١٠» الجلاء مغرّبا ... وحدا بها حادي النّجاء «١١» مشمّرا
لا يستفيق الصّبح منها ما بدا ... فلقا ولا جدي الفراقد ما سرى