باللّحياني، قافلا من بلاد المشرق، وهو كبير آل أبي حفص نسبا «١» وقدرا، فأقام بإطرابلس، وأنفذ إلى تونس خاصّته الشيخ الفقيه أبا عبد الله المردوري «٢» محاربا لأبي البقاء، وطالبا للأمر. فتمّ الأمر «٣» ، وخلع أبو البقاء تاسع جمادى الأولى عام أحد عشر وسبعمائة. وتمّ الأمير للشيخ أبي يحيى. واعتقل أبو البقاء، فلم يزل معتقلا إلى أن توفي في شوال عام ثلاثة عشر وسبعمائة، ودفن بالجبّانة المعروفة لهم «٤» بالزلّاج، فضريحه «٥» فيما تعرّفنا بإزاء ضريح قتيله «٦» المظلوم أبي بكر، لا فاصل بينهما. وعند الله تجتمع الخصوم.
واتّصلت أيام الأمير أبي يحيى، إلى أن انقرضت مدة الأمير أبي الجيوش. وقد تضمّن الإلماع بذلك «٧» الرّجز المسمّى ب «قطع السّلوك»«٨» من نظمي. فمن «٩» ذلك فيما يختصّ بملوك «١٠» المغرب قولي في ذكر السلطان أبي يعقوب: [الرجز]
ثم تقضّى معظم الزمان ... مواصلا حصر بني زيّان
حتى أتى أهل تلمسان الفرج ... ونشقوا من جانب اللّطف الأرج
لما ترقّى درج السّعد درج ... فانفضّ ضيق الحصر عنها وانفرج
وابن ابنه وهو المسمّى عامرا ... أصبح بعد ناهيا وآمرا
وكان ليثا دامي المخالب ... تغلّب «١١» الأمر بجدّ غالب
أباح بالسّيف نفوسا عدّه ... فلم تطل في الملك منه المدّة
ومات حتف أنفه واخترما ... ثم سليمان عليها قدّما
أبو الربيع دهره ربيع ... يثني على سيرته الجميع
حتى إذا الملك سليمان قضى ... تصيّر الملك «١٢» لعثمان الرّضا
فلاح نور السّعد فيها وأضا ... ونسي «١٣» العهد الذي كان مضى