خليليّ، أعني أرض مرسية المنى ... ولولا توخّي الصّدق سمّيتها الكبرى
محلّي بل جوّي الذي عبقت به ... نواسم آدابي معطّرة نشرا
ووكري الذي منه درجت فليتني ... فجعت بريش العزم كي ألزم الوكرا
وما روضة الخضراء قد مثلت بها ... مجرّتها نهرا وأنجمها زهرا
بأبهج منها والخليج مجرّة ... وقد فضحت أزهار ساحتها الزّهرا
وقد أسكرت أزهار «١» أغصانها الصّبا ... وما كنت أعتدّ الصّبا قبلها خمرا
هنالك بين الغصن والقطر والصّبا ... وزهر الرّبى ولّدت آدابي الغرّا
إذا نظم الغصن الحيا قال خاطري ... تعلّم نظام النّثر من ههنا شعرا
وإن نثرت ريح الصّبا زهر الرّبى ... تعلّمت حلّ الشّعر أسبكه نثرا
فوائد أسحار هناك اقتبستها ... ولم أر روضا غيره يقرئ السّحرا
كأنّ هزيز الريح يمدح روضها ... فتملأ فاه من أزاهر ها درّا «٢»
أيا زنقات «٣» الحسن، هل فيك نظرة ... من الجرف الأعلى إلى السّكّة الغرّا؟
فأنظر من هذي لتلك كأنما ... أغيّر إذ غازلتها أختها الأخرى
هي الكاعب الحسناء تمّم حسنها ... وقدّت لها أوراقها حللا خضرا
إذا خطبت أعطت دراهم زهرها ... وما عادة الحسناء أن تنقد المهرا
وقامت بعرس الأنس قينة أيكة «٤» ... أغاريدها تسترقص الغصن النّضرا
فقل في خليج يلبس الحوت درعه ... ولكنه لا يستطيع بها قصرا «٥»
إذا ما بدا فيها الهلال رأيته ... كصفحة سيف وسمها قبعة صفرا
وإن لاح فيها البدر شبّهت متنه ... بسطر «٦» لجين ضمّ من ذهب عشرا
وفي جرفي روض هناك تجافيا ... لنهر «٧» يودّ الأفق لو زاره فجرا
كأنهما خلّا صفاء تعاتبا ... وقد بكيا من رقّة ذلك النّهرا
وكم لي بالباب الجديد «٨» عشيّة ... من الأنس ما فيه سوى أنّه مرّا