عشايا «١» كأنّ الدّهر غصّ «٢» بحسنها ... فأجلت سياط «٣» البرق أفراسها الشّقرا «٤»
عليهنّ أجري خيل دمعي بوجنتي ... إذا ركبت حمرا ميادينها الصفرا
أعهدي بالغرس المنعّم دوحه ... سقتك دموعي إنها مزنة شكرى «٥»
فكم فيك من يوم أغرّ محجّل ... تقضّت أمانيه فخلّدتها ذكرا
على مذنّب كالنحر «٦» من فرط حسنه ... تودّ الثّريّا أن تكون «٧» له نحرا
سقت أدمعي والقطر أيهما انبرى ... نقا الرّملة البيضاء فالنّهر فالجسرا
وإخوان صدق لو قضيت حقوقهم ... لما فارقت عيني وجوههم الزّهرا
ولو كنت أقضي حقّ نفسي ولم أكن ... لما بتّ أستحلي فراقهم المرّا
وما اخترت هذا البعد إلّا ضروة ... وهل تستجير العين أن تفقد الشّفرا «٨» ؟
قضى الله أن ينأى «٩» بي الدهر عنهم ... أراد بذاك الله أن أعتب الدهرا
وو الله لو نلت المنى ما حمدتها ... وما عادة المشغوف أن يحمد الهجرا
أيأنس باللّذات قلبي ودونهم ... مرام يجدّ الرّكب «١٠» في طيّها شهرا؟
ويصحب هادي الليل راء وحرفة ... وصادا ونونا قد تقوّس «١١» واصفرّا
فديتهم بانوا وضنّوا بكتبهم ... فلا خبرا منهم لقيت ولا خبرا
ولولا علا همّاتهم لعتبتهم ... ولكن عراب الخيل لا تحمل الزّجرا
ضربت غبار البيد في مهرق السّرى ... بحيث جعلت الليل في ضربه حبرا
وحقّقت ذاك الضّرب جمعا وعدّة ... وطرحا وتجميلا فأخرج لي صفرا
كأنّ زماني حاسب متعسّف ... يطارحني كسرا، أما يحسن الجبرا؟
فكم عارف بي وهو يحسب «١٢» رتبتي ... فيمدحني سرّا ويشتمني جهرا