تهلّل وجه الكون من طرب بها ... وأشرقت الدّنيا «١» بغرّتها الغرّا
لها المنّة العظمى بميلاد أحمد ... لها الرّتبة العليا لها العزّة الكبرا
طوى سرّه في صدره الدّهر مدّة ... فوافى ربيعا ناشرا ذلك السّرّا
حوى شهرة الفضل الشهير وفضله ... فأحسن به فضلا وأعظم به شهرا
لقد كان ليل الكفر في اللّيل قد جفا ... فأطلع منه في سمّة «٢» الهدى فجرا
وفي ليلة الميلاد لاحت شواهد ... قضت أنّ دين الكفر قد أبطل الكفرا
لقد أخمدت أنوارها نار فارس ... وأرجت «٣» كما ارتجّ إيوانه كسرى
له معجزات يعجز القلب كنهها ... ويحصر إن رام اللسان لها حصرا
معال يكلّ الشّعر عن نيل وصفها ... وتقصر عن إدراك مصعده الشّعرى
به بشّر الرّسل الكرام ولم تزل ... شمائله تتلى وآياته تترى
ففي الصّحف الأولى مناقبه العلى ... وفي الذكر آيات خصّت «٤» له قدرا
لقد خصّه مولاه بالقرب والرضى ... وحسبك ما قد نصّ في النّجم والإسرا
وردّ عليه الشمس بعد غروبها ... وشقّ على رغم العداة له البدرا
وكان له في مائه وطعامه ... لطائف ربّانيّة تبهر الفكرا
غدا الماء من بين الأصابع نابعا ... وعاد قليل الزّاد من يمنه كثرا
وكم نائل أولى وكم سائل حبا ... وكم مشتك أشفى وكم مدنف أبرى!
كفى شاهدا أن ردّ عين قتادة ... فكان لها الفضل المبين على الأخرى
وحنّ إليه الجذع عند فراقه ... ولا حنّت الخنساء إذ فارقت صخرا
وحقّ له إذ بان عنه حبيبه ... ومن ذاق طعم الوصل لم يحمل الهجرا
خليليّ، والدنيا تجدّد للفقر ... ضروبا من الأشواق لو تنفع الذّكرى
بعيشكما هل لي إلى أرض طيبة ... سبيل؟ فأمّا الصّبر عنها فلا صبرا
منى النفس «٥» من تلك المعاهد زورة ... أبثّ بها شكوى وأشكو بها وزرا
وتعفير خدّي في عروق ترابها ... ليمحو لي ذنبا ويثبت لي أجرا