تعلّلني نفسي بإدراكها المنى ... وما أجهدت عيشا ولا ملّكت قفرا
ومن كانت الآمال أقصى اجتهاده ... غدت كفّه ممّا تأمّله صفرا
وكم زجرتها واعظات زمانها ... فما سمعت وعظا ولا قبلت زجرا
وكنت لها عصر الشبيبة عاذرا ... سقاه الحيا ما كان أقصره عصرا
وأمّا وقد ولّت ثلاثون حجّة ... فلست أرى للنفس من بعدها عذرا
إذا أنت لم تترك سوى النفس طائعا ... فلا بدّ بعد الشّيب من تركه قسرا
ولم أدّخر إلّا شفاعة أحمد ... لتخفيف وزر شدّ ما أوثق الظّهرا
لقد علقت «١» كفّ الرجاء بحمله ... لعلّ كسير القلب يقلبه برّا
هو المرتضى الداعي إلى منهج الرّضا ... هو المصطفى الهادي الميسّر لليسرى
هو الحاسر الماحي الضّلالة بالهدى ... هو الشّافع الواقي إذا شهر الحشرا
بأي كلام يبلغ المرء وصف من ... مكارمه تستغرق النّظم والنّثرا
خلال إذا الأفكار جاست خلالها ... تكرّ على الأعقاب خاسئة خسرا
لقد غضّ طرف النّجم باهرها سنى ... وأرغم أنف الرّوض عاطرها نشرا
سقى ليلة حيّت به واكف الحيا ... فنعماؤها ما إن يحيط بها شكرا
لقد خصّها سند الإله برحمة ... فعمّت بها الدنيا وسكّانها طرّا
أقمت أمير المسلمين حقوقها ... بأفعال برّ أضحكت للهدى ثغرا
لقد سرت فيها إذ أتتك بسرّه ... أقرّت لها عينا وسرّت لها صدرا
عرفت بها حقّ الذي عرفت به ... فأحسنتها شكرا وأوليتها برّا
وأصحبتها الإخلاص لله والتّقى ... وأعقبها الإحسان والنّائل الغمرا
لدى مصنع ملا «٢» العيون محاسنا ... تجسّم فيه السّحر حتى بدا قصرا
منها بعد أبيات في المدح للسلطان:
روى عن أبي الحجاج غرّ شمائل ... أعاد لنا دهم الليالي بها غرّا
ومن كبني نصر جلالة منصب ... بهم نصر الرحمن دين الهدى نصرا
هم ما هم إن تلقهم في مهمّة ... لقيت الجناب السّهل والمعقل الوعرا
سلالة أنصار النبيّ محمد ... فسل أحدا ينبيك عنهم وسل بدرا