لله «١» باليقظة والوسن، محكما في نسك الجنيد أو فتك الحسن، ممتعا بظرف المعارف، مالئا أكفّ الصّيارف، ماحيا بأنوار البراهين شبه الزّخارف- لما اخترت الشّباب وإن شاقني «٢» زمنه، وأعياني ثمنه، وأجرت سحاب «٣» دمعي دمنه. فالحمد لله الذي رقى «٤» جنون اغترابي، وملّكني أزمة آرابي، وغبّطني بمائي وترابي، [ومألف أترابي،]«٥» وقد أغصّني بلذيذ شرابي، ووقّع على سطوره المعتبرة إضرابي، وعجّلت هذه مغبّطة بمناخ المطيّة «٦» ، ومنتهى الطّيّة، وملتقى السّعود «٧» غير البطيّة، وتهنّي الآمال الوثيرة الوطيّة، فما شئت من نفوس عاطشة إلى ريّك، متجمّلة بزيّك، عاقلة خطى مهريّك، ومولى مكارمه نشيدة أمثالك، ومظانّ «٨» مثالك، وسيصدق الخبر ما هنالك، ويسع «٩» فضل مجدك في «١٠» التخلّف عن الإصحار «١١» ، لا بل اللقاء من وراء البحار، والسّلام.
ولما «١٢» استقرّ بالحضرة، جرت بيني وبينه مكاتبات أقطعها الظّرف جانبه، وأوضح الأدب فيها «١٣» مذاهبه. فمن ذلك ما خاطبته به، وقد تسرّى جارية روميّة اسمها هند صبيحة الابتناء بها:[السريع]
أوصيك بالشيخ أبي بكره ... لا تأمنن في حالة مكره
واجتنب الشّكّ إذا جئته ... جنّبك الرحمن ما تكره
سيدي، لا زلت تتّصف بالوالج، بين الخلاخل والدّمالج «١٤» ، وتركض فوقها ركض الهمالج «١٥» أخبرني كيف كانت الحال، وهل حطّت بالقاع من خير البقاع الرّحال، وأحكم بمرود «١٦» المراودة الاكتحال، وارتفع بالسّقيا الإمحال، وصحّ