حاله: قال صاحب الذّيل «١» : كان أديبا ماهرا، وشاعرا «٢» جليلا، وكاتبا نبيلا «٣» . كتب عن أوّل الخلفاء الهاشميين بالأندلس، علي «٤» بن حمّود، ثم عن غيره من أهل بيته؛ وتولّى تدبير أمرهم «٥» ، فحاز لذلك صيتا شهيرا، وجلالة عظيمة.
وذكره ابن بسّام في كتاب «الذّخيرة» ، فقال «٦» : كان أبو جعفر هذا في «٧» وقته أحد أئمة الكتّاب، وشهب الآداب «٨» ، ممّن سخّرت له فنون البيان، تسخير الجنّ لسليمان، وتصرّف في محاسن الكلام، تصرّف الرياح بالغمام، طلع من ثناياه، واقتعد مطاياه؛ وله إنشاءات سريّة، في الدولة الحمّودية، إذ كان علم أدبائها، والمضطلع بأعبائها، إلّا أني لم أجد عند تحريري هذه النّسخة، من كلامه، إلّا بعض فصول له «٩» من منثور، وهي ثماد من بحور.
فصل: من «١٠» رقعة خاطب بها أبا جعفر بن العباس: «غصن ذكرك عندي ناضر، وروض شكرك لديّ عاطر، وريح إخلاصي لك صبا، وزمان «١١» آمالي فيك صبا، فأنا شارب ماء إخائك، متفيّئ ظلّ «١٢» وفائك؛ جان منك ثمرة فرع طاب أكله، وأجناني البرّ قديما أصله، وسقاني إكراما برقه، وروّاني إفضالا ودقه؛ وأنت الطّالع في فجاجه، السّالك لمنهاجه؛ سهم في كنانة الفضل صائب، وكوكب في سماء المجد ثاقب، إن أتبعت الأعداء نوره أحرق، وإن رميتهم به أصاب الحدق؛ وعلى الحقيقة فلساني يقصر عن جميل أسرّه «١٣» ، ووصف ودّ أضمره» .