وما للساني مفصحا بخطابه ... وما كان لو أوفى بعهد لينبسا
أمن بعد ما أودعت روحي في الثّرى ... ووسّدت مني فلذة القلب مرمسا «١»
وبعد فراق ابني أبي القاسم الذي ... كساني ثوب الثّكل لا كان ملبسا
أؤمّل في الدنيا حياة وأرتضي ... مقيلا لدى أبنائها ومعرّسا «٢»
فآها وللمفجوع فيها استراحة ... ولا بدّ للمصدور أن يتنفّسا
على عمر أفنيت فيه بضاعتي ... فأسلمني للقبر حيران مفلسا
ظللت به في غفلة وجهالة ... إلى أن رمى سهم الفراق فقرطسا «٣»
إلى الله أشكو برح حزني فإنه ... تلبّس منه القلب ما قد تلبّسا
وصدمة «٤» خطب نازلتني عشيّة ... فما أغنت الشكوى ولا نفع الأسا
فقد صدّعت شملي وأصمت مقاتلي ... وقد هدّمت ركني الوثيق المؤسّسا
ثبتّ لها صبرا لشدّة وقعها ... فما زلزلت صبري الجميل وقد رسا
وأطمع «٥» أن يلقى برحمته الرضا ... وأجزع أن يشقى بذنب فينكسا
أبا القاسم اسمع شجو «٦» والدك الذي ... حسا من كؤوس البين أفظع ما حسا
وقفت فؤادي مذ رحلت على الأسى ... وأشهد «٧» لا ينفكّ وقفا محبّسا
وقطّعت آمالي من الناس كلّهم ... فلست أبالي أحسن المرء أم أسا
تواريت يا شمسي وبدري وناظري ... فصار وجودي مذ تواريت حندسا
وخلّفت لي عبئا من الثّكل فادحا ... فما أتعب الثّكلان نفسا وأتعسا
أحقّا ثوى ذاك الشباب فلا أرى ... له بعد هذا اليوم حولي مجلسا
فيا غصنا نضرا ثوى عندما استوى ... فأوحشني أضعاف ما كان آنسا
ويا نعمة لمّا تبلّغتها انقضت ... فأنعم أحوالي بها صار أبؤسا
فودّعته «٨» والدمع تهمي سحابه ... كما أسلم السلك الفريد المجنّسا «٩»