للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما للصحائف صوّحت «١» روضاتها ... أسفا وكنّ نضيرة الأوراق

ما للبيان كؤوسه مهجورة ... غفل المدير لها ونام السّاقي

ما لي عدمت تجلّدي وتصبّري ... والصبر في الأزمات من أخلاقي

خطب أصاب بني البلاغة والحجا ... شبّ الزفير به عن الأطواق «٢»

أمّا وقد أودى أبو الحسن الرضا ... فالفضل قد أودى على الإطلاق

كنز المعارف لا تبيد نقوده ... يوما ولا تفنى على الإنفاق

من للبدائع أصبحت سمر السّرى ... ما بين شام للورى وعراق

من لليراع يجيل من خطّيّها «٣» ... سمّ العدا ومفاتح الأرزاق

قضب ذوابل مثمرات بالمنى ... وأراقم ينفثن بالتّرياق

من للرقاع الحمر يجمع حسنها ... خجل الخدود وصبغة الأحداق

تغتال أحشاء العدوّ كأنها ... صفحات دامية الغرار رقاق

وتهزّ أعطاف الوليّ كأنها ... راح مشعشعة براحة ساق

من للفنون يجيل في ميدانها ... خيل البيان كريمة الأعراق

من للحقائق أبهمت أبوابها ... للناس يفتحها على استغلاق

من للمساعي الغرّ تقصد جاهه ... حرما فينصرها على الإخفاق

كم شدّ من عقد وثيق حكمه ... في الله أو أفتى بحلّ وثاق

رحب الذراع بكلّ خطب فادح ... أعيت رياضته على الحذّاق

صعب المقادة في الهوادة والهوى ... سهل على العافين «٤» والطّرّاق

ركب الطريق إلى الجنان وحورها ... يلقينه بتصافح وعناق

فاعجب لأنس في مظنّة وحشة ... ومقام وصل في مقام فراق

أمطيّبا بمحامد العمل الرضى ... ومكفّنا بمكارم الأخلاق

ما كنت أحسب قبل نعشك أن أرى ... رضوى «٥» تسير على الأعناق

ما كنت أحسب قبل دفنك في الثّرى ... أنّ اللحود خزائن الأعلاق «٦»