وقلوبا واجفة واجبة. ولو أن ما رثى به نفسه الكريمة من ثرّ إساءته «١» ، حين رأى الحين مغتصبا «٢» حشاشة مكرماته، أثار كامن وجدي بألفاظه المبكية، ومعانيه التي تحلّ من مزاد العيون الأوكية، لا هبّ لي رندا «٣» ، وأعقبني صفاة تندى، وأطمعني في أن يعود بكائي زبدا. فقد بلغني أنه لمّا»
وقف على ثنيّة المنيّة، وعرف قرب انتقال السّاكن من البنيّة، جمع بنات فكره، كما جمع شيبة الحمد بنات خدره، وقال: يا بنياتي، قد آن ليومي أن يأتي، فهل لكن أن ترينني «٥» ؟ فوضعن أكبادهن على الوشيج «٦» ، ورفعن أصواتهن بالنّشيج، وأقبلن «٧» يرجّعن الأناشيد، ويفجعن القريب والبعيد، حتى أومأ إليهنّ، بأن قضين ما عليهنّ، فيا إخوتاه «٨» ، ومثلي بهذا النداء نخي وتاه: أسهموا أخاكم في ميراث تلكم الكلم، واحموا «٩» فؤادا بالملمّ المؤلم قد كلم، ولا تقولوا يكفيه ميراث الأحزان، فتبخسوا وحاشاكم في الميزان، فإني وإن تناولتها باليدين، وغلبت عليها فإني صاحب الفريضة «١٠» والدّين، فإني لحظّي من ميراث الحكمة سائل، ومع أنّ لي حقّا فلي ذمم ووسائل، فابعثوا إليّ ما يطارحني في أشجاني، وأقف على رسمه فأقول شجاني، ولا أطلب من كلام ذلكم الإمام، العزيز فقده على الإسلام، قوله في التصبير، على الرزء الكبير، ووصاته، لئلّا يلزمني ولست بالمستطيع إصغاء للمطيع لأمره «١١» وإنصاته، فإن امتثلت، أصبت قتلي بما نثلت، وإن عصيت، أبعدت نفسي من رضاه وأقصيت، ولي في استصحاب حالي أمل، وما لم يرد خطاب لم يلزم عمل. على أني وإن صاب وابل دمعي وصب، وأصبحت بذكر المصاب الكلف الصّبّ، فلا أقول إلّا ما يرضي الربّ، فإني «١٢» أبكي عالما كبيرا، وعلما شهيرا، تسعدني في بكائه الملّة، وتنجدني بوجده «١٣» فأنا الكاتب وهي المملّة.
وأما أنتم أيها الإخوة الفضلاء، والصفوة الكرماء، فقد تلقيتم وصلته «١٤» المباركة شفاها، وداوى صدوركم بكلامه النافع وشفاها، فلا يسعكم إلّا الامتثال، والصبر الذي تضرب به الأمثال، فعزاء عزاء، وانتماء إلى التأسّي واعتزاء، وإن فضل رزء