حاله: كان نسيج وحده في البلاغة والجزالة، والتّبريز في أسلوب التاريخ، والتملؤ من الأدب، والمعرفة باللغة والخبر. قال أبو القاسم «١» : من أهل المعرفة بالأدب والعربية والفقه والتاريخ، ومن الكتاب المجيدين والشعراء المطبوعين المكثرين. كتب بغرناطة عن الأمير أبي محمد تاشفين «٢» ، وله فيه نظم حسن.
مشيخته: قرأ على شيوخ بلده، وأخذ عن العالم الحافظ أبي بكر بن العربي ونمطه.
تواليفه: ألّف في تاريخ الأندلس كتابا سماه «الأنوار الجلية، في أخبار الدولة المرابطيّة» ضمّنه العجاب إلى سنة ثلاثين وخمسمائة. ثم وصله إلى قرب وفاته، وكتابا آخر سمّاه «تقصّي الأنباء وسياسة الرؤساء» .
شعره: قال: أنشدت الأمير تاشفين في هلاك ابن رذمير: [البسيط]
أشكو الغليل بحيث المشرب الخضر ... حسبي وإلّا فورد ما له صدر
تجهّمت لي وجوه الصبر منكرة ... ولا حظتني عيون حشوها حذر
إني لأجزع من ذاك الوعيد وفي ... ملقى الأسنّة منّا معشر صبروا «٣»
فلّت سلاحي الليالي أيّ ظالمة ... ولو أعادت شبابي كنت أنتصر
مشيّعا كنت ما استصحبت من أمل ... كما يشيّع سهم النّازع الوتر
فها أنا وعزيز في نامسة ... تسود في عينه الأوضاح والغرر
يا حيّ عذرة، فتياكم بنازلة ... لم تنفصل يمن عنها ولا مضر
ما الحكم عندكم إذ نحن في حرم ... على جناية رام سهمه النّظر
أرعاني الشّهب في أحشاء ليلتها ... حمل من الصّبح أرجوه وأنتظر
يفترّ عن برد من حوله لهب ... أو عن نبات أقاح أرضه سقر
وبين أجفانه نهيف الأمير أبي ... محمد تاشفين أو هو القدر
سيف به ثلّ عرش الروم واطّادت ... قواعد الملك واستولى به الظّفر
وأدرك الدين بالثّأر المنيم على ... رغم وجاءت صروف الدهر تعتذر
منى تنال وأيام مفضّضة ... مذهبات العشايا ليلها سحر