السبت الماضي، من غير حرب ولا قتال، بل بفضل الله تعالى، ذي العظمة والجلال. وعرّفناكم بذلك، لتأخذوا بحظّكم من هذه المسرّة الكبرى، إذ أنتم الحبيب الذي لا يشكّ فيه، والخلاصة، الذي نعلم صدق خلوصه وتصافيه، والله يصل سعودكم، ويحفظ وجودكم، والسلام الكريم عليكم، ورحمة الله وبركاته.
وكتب في يوم الأربعاء الرابع والعشرين لجمادى الثانية، من عام ثلاثة وستين وسبعمائة» .
وعند استقراري لديه، وقدومي عليه، أصدر لي هذا الظّهير الكريم، بما يظهر من فصوله:
«هذا ظهير كريم، أقام مراسم الوفاء، وأحيا معالم الحقّ الفسيحة الأرجاء، وقلص ظلال الجود المتكاثفة الأفياء، وجلى بأنوار الحق ظلم الظّلم والاعتداء، وأدّى الأمانة إلى أهلها إذ كانت متعيّنة الأداء. أمر بتسويغ إنعامه، وإبرام أحكامه، أمير المسلمين عبد الله محمد ابن مولانا أمير المسلمين أبي الحجاج ابن مولانا أمير المسلمين أبي الوليد بن نصر، أعلى الله مقامه وشكر إنعامه، لوليّ مقامه، ومحلّ إجلاله وإعظامه، كبير دولته، وفخر مملكته، ومشيّد سلطانه، وعين زمانه، ظهيره الذي ببركاته أنجحت مقاصده، وحامل لواء وزارته الذي بيمن رأيه عذبت مصادره وموارده، الفقيه الأجلّ الوزير المثيل، الماجد الأثيل، الحسيب الأصيل، العالم العلم، الطّاهر الظّاهر، العظيم المفاخر، الكريم المآثر، إمام البلاغة، وفارس البراعة واليراعة، فخر الرئاسة، ومدبّر فلك السّياسة، الخطيب الحافل، الصّدر الفاضل الشّمائل، الحبيب الخالص، الأودّ الأصفى، أبي عبد الله محمد ابن الوزير الجليل الأوحد الأعلى، الصدر الكبير الخطير الشهير الأسنى، الحافل الفاضل، الظّاهر الطاهر، السّامي الأرقى، المعظّم الموقر، الشهيد المقدّس السعيد، أبي محمد بن الخطيب، وصل الله سعادته، وحرس مجادته، وحفظ رتبته الرّفيعة ومكانته، وبلّغه أمله الأرضى وإرادته. لما كان أبقاه الله مدبّر ملك المولى أبيه، وظهيره الذي لم يزل يدنيه ويصطفيه، وعماده الذي ألقى إليه مقاليد الملك، حين علم أنه صدر الأولياء وواسطة السّلك، ووزيره الذي اعتمده بإدارة أمره، وركن إلى مناصحته في سرّه وجهره، وقلّده نجاد الوزارتين، وحلّاه بحلى الرّئاستين، فاكتفى منه عن الأثر بالعين، ونشر له لواء الولايتين، فتلقّاه بيمينه، وقام مضطلعا بأمره قيام الأسد دون عرينه.
وحين انعقد هذا الأمر العلي، قام بسياسة ملكه أحسن قيام وأوفاه، وأداره فأصاب في إدارته مرمى السّداد الذي لم يوافقه إلّا إياه. واستولى في هذه الميادين على غاية الكمال، واضطلع بالرّئاسة والسّياسة اضطلاع أفذاذ الرجال. ولم يزل يدفع عن حماه،