أهدتك من مشج «١» الحجاز تحيّة ... غاضت «٢» لها عرض الفجاج الفيح
بالله قل لي كيف نيران الهوى ... ما بين ريح بالفلاة «٣» وشيح؟
وخضيبة المنقار تحسب أنها ... نهلت بمورد دمعي المسفوح
باحت بما تخفي وناحت في الدّجى ... فرأيت في الآفاق دعوة نوح
نطقت، بما يخفيه قلبي، أدمعي ... ولطالما صمتت عن التّصريح
عجبا لأجفاني حملن شهادة ... عن خافت بين الضلوع جريح
ولقلّما كتبت رواة مدامعي ... في طرّتيها «٤» حلية التّجريح
جاد «٥» الحمى بعدي وأجراع الحمى ... جود تكلّ به متون الريح
هنّ المنازل ما فؤادي بعدها ... سال، ولا وجدي بها بمريح
حسبي ولوعا أن أزور بفكرتي ... زوّارها والجسم رهن نزوح
فأبثّ فيها من حديث صبابتي ... وأحثّ فيها من جناح جنوحي
ودجنّة كادت تضلّ بني «٦» الشّرى ... لولا وميضا بارق وصفيح
رعشت «٧» كواكب جوّها فكأنها ... ورق تقلّبها بنان شحيح
صابرت منها لجّة مهما ارتمت ... وطمت رميت عبابها بسبوح
حتى إذا الكفّ الخضيب بأفقها ... مسحت بوجه للصباح صبيح
شمت المنى وحمدت إدلاج السّرى ... وزجرت للآمال كلّ سنيح
فكأنما ليلي نسيب قصيدتي ... والصّبح فيه تخلّص «٨» لمديح
لمّا حططت لخير من وطئ الثّرى ... بعنان كلّ مولّد وصريح
رحمى إله العرش بين عباده ... وأمينه الأرضى على ما يوحي
والآية الكبرى التي أنوارها ... ضاءت أشعّتها بصفحة يوح «٩»
ربّ المقام «١٠» الصّدق والآي التي ... راقت بها أوراق كلّ صحيح
كهف «١١» الأنام إذا تفاقم معضل ... مثلوا بساحة بابه المفتوح
يردون منه على مثابة راحم ... جمّ الهبات عن الذنوب صفوح