وسبعمائة، ويأتي التعريف بهم بعد إن شاء الله. وكان أوفر الدواعي في الاستعطاف لهم بما تقدّم بين يدي أدعيائهم، ودخولهم على السلطان، أن الذي تنخل بمثله السّخائم، وتذهب الإحن. وخطب لنفسه، فاستمرت حاله لطيف المنزلة، معروف المكانة، ملازما مجلس مدبّر الدولة، مرسوما بصداقته، مشتملا عليه ببرّه، إلى أن كان من تقلّب الحال، وإدالة الدولة، ما كان.
شعره: وشعره نمط عال، ومحلّ البراعة حال، لطيف الهبوب، غزير المائية، أنيق الديباجة، جمّ المحاسن؛ فمنه في مذهب المدح، يخاطب ذا الوزارتين أبا عبد الله بن الحكيم «١» : [الكامل]
ملّكت «٢» رقيّ بالجمال فأجمل ... وحكمت في «٣» قلبي بجورك فاعدل
أنت الأمير على الملاح ومن يجر ... في حكمه إلّا جفونك يعزل
إن قيل أنت البدر فالفضل الذي ... لك بالكمال ونقصه لم يجهل
لولا الحظوظ لكنت أنت مكانه ... ولكان دونك في الحضيض الأسفل
عيناك نازلتا القلوب فكلّها ... إما جريح أو مصاب المقتل
هزّت ظباها بعد كسر جفونها ... فأصيب قلبي في الرّعيل الأول
ما زلت أعذل في هواك ولم يزل ... سمعي عن العذّال فيك بمعزل
أصبحت في شغل بحبك شاغل ... عن أن أصيخ إلى كلام العذّل
لم أهمل الكتمان لكن أدمعي ... هملت ولو لم تعصني لم تهمل
جمع الصحيحين الوفاء مع الهوى ... قلبي وأملى الدّمع كشف المشكل
ما في الجنوب ولا الشمال جواب ما ... أهدى إليك مع الصّبا والشّمال «٤»
خلسا له من طيب عرفك نفحة ... تجيء بها دماء عليلها المتعلل
إن كنت بعدي حلت عمّا لم أحل ... عنه وأهملت الذي لم أهمل
أو حالت الأحوال فاستبدلت بي ... فإنّ حبي فيك لم يستبدل