للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا قيت بعدك ما لو أنّ أقلّه ... لاقى الثرى لأذاب صمّ الجندل

وحملت في حبّك ما لو حمّلت ... شمّ الجبال أخفّه لم تحمل

من حيف دهر بالحوادث مقدم ... حتى على حبس الهزبر المشبل

قد كنت منه قبل كرّ صروفه ... فوق السّنام فصرت تحت الكلكل

ونصول شيب قد ألمّ بلمّتي ... وخضاب أبي شيبة لم تنصل

ينوي الإقامة ما بقيت وأقسمت ... لا تنزل اللذات ما لم يرحل

ومسير ظعن ودان حميمه ... لاقى الحمام وإنّه لم يفعل

يطوي على جسدي الضلوع فقلبه ... بأواره يغلي كغلي المرجل

في صدره ما ليس في صدري له ... من مثله مثقال حبّة خردل

أعرضت عنه ولو أشفّ لذمّه ... شعري لجرّعه نقيع الحنظل

جلّيت في حلبات سبق لم يكن ... فيها مرتاح ولا بمؤمّل

ما ضرّه سبقيه في زمن مضى ... أنّ المجلّى فيه دون الفسكل

ساءته منّي عجرفيّة قلّب ... باق على مرّ الحوادث حوّل

متحرّق في البذل مدّة سيره ... متجلّد في عسره متجمّل

حتى يثوب له الغنى من ماجد ... بقضاء حاجات الكرام موكّل

مثل الوزير ابن الحكيم وما له ... مثل يقوم مقامه متمثّل

ساد الورى بحديثه وقديمه ... في الحال والماضي وفي المستقبل

من بيت مجد قد سمعت بقبابه ... أقيال لخم في الزمان الأوّل

سامي الدعائم طال بيت وزارة ... ومشاجع وأبي الفوارس نهشل

يلقى الوفود ببسط وجه مشرق ... تجلو طلاقته هموم المجتلي

فلآملي جدواه حول فنائه ... لقط القطا الأسراب حول المنهل

وإذا نحى بالعدل فصل قضية ... لم تحظ فصلا من إطالة مفصل

يقضي على سخب الخصوم وشغبهم ... ويقيم مغريهم مقام المؤمل

ويلقّن الحج العييّ تحرّجا ... من رامح عند اللّجاج وأعزل

فإذا قضى صور المحقّ بحقّه ... عنه وحلّق عقابه بالمبطل

عجل على من يستحقّ مثوبة ... فإذا استحقّ عقوبة لم يعجل

يا كافي الإسلام كلّ عظيمة ... ومعيده غضّا كأن لم يذبل