بضائعها غير مزجاة «١» ، الذي ملأ بحبّه جوانح صدره، وجعل فكره هالة لبدره، وأوجب حقّه «٢» على قدر العبد لا على قدره، محمد بن يوسف بن نصر الأنصاري الخزرجي نسيب سعد بن عبادة من أصحابه، وبوارق سحابه، وسيوف نصرته، وأقطاب دار هجرته، ظلّله الله يوم الفزع الأكبر من رضاك عنه بظلال الأمان، كما أنار قلبه من هدايتك بأنوار الهدى والإيمان، وجعله من أهل السّياحة في فضاء حبّك والهيمان. كتبه إليك يا رسول الله واليراع يقتضي «٣» مقام الهيبة صفرة لونه، والمداد يكاد أن يحول سواد جونه، وورقة «٤» الكتاب يخفق فؤادها حرصا على حفظ اسمك الكريم وصونه، والدمع يقطر فتنقط به الحروف وتفصّل الأسطر، وتوهّم المثول بمثواك المقدّس لا يمرّ بالخاطر سواه ولا يخطر، عن قلب بالبعد عنك قريح «٥» ، وجفن بالبكاء جريح، وتأوّه عن تبريح «٦» ، كلّما هبّ «٧» من أرضك نسيم ريح.
وانكسار ليس له إلّا جبرك «٨» ، واغتراب لا يؤنس فيه إلّا قربك، وإن لم «٩» يقض فقبرك. وكيف لا يسلم في مثلها الأسى، ويوحش الصباح والمسا، ويرجف جبل الصّبر بعد ما رسى، لولا لعلّ وعسى. فقد سارت الرّكبان «١٠» إليك ولم يقض مسير، وحوّمت الأسراب عليك والجناح كسير، ووعدت الآمال فأخلفت، وحلفت العزائم فلم تف بما حلفت، ولم تحصل النفس من تلك المعاهد ذات الشّرف الأثيل، إلّا على التّمثيل، ولا من المعالم المتناهية «١١» التّنوير، إلّا على التّصوير، مهبط «١٢» وحي الله ومتنزّل أسمائه، ومتردّد ملائكة سمائه، ومرافق «١٣» أوليائه، وملاحد أصحاب خيرة أنبيائه، رزقني الله الرضا بقضائه، والصّبر على جاحم البعد ورمضائه.
من حمراء غرناطة، حرسها الله تعالى، دار ملك الإسلام بالأندلس قاصية سيلك «١٤» ، ومسلحة «١٥» رجلك يا رسول الله وخيلك، وأنأى مطارح دعوتك