ثم كانت الحركة إلى أختها الكبرى، ولدتها الحزينة عليها العبرى، مدينة أبدة «١» ، ذات «٢» العمران المستبحر، والرّبض الخرق «٣» المصحر، والمباني الشّمّ الأنوف، وعقائل المصانع الجمّة الحلي والشّنوف، والغاب «٤» الأنوف، وبلد «٥» التّجر، والعسكر المجر، وأفق الضّلال الفاجر الكاذب «٦» على الله الكذب الفجر، فخذل «٧» الله حاميته «٨» التي يعيي الحسبان عدّها، وسجر «٩» بحورها التي لا يرام مدّها، وحقّت عليها كلمة الله «١٠» التي لا يستطاع ردّها. فدخلت لأول وهلة، واستوعب جمعها «١١» والمنّة لله في نهلة، ولم يك «١٢» للسيف من عطف «١٣» عليها ولا مهلة. ولما «١٤» تناولها العفاء والتّخريب، واستباحها «١٥» الفتح القريب، وأسند عن عواليها حديث النّصر الحسن القريب «١٦» ، وأقعدت أبراجها من بعد القيام والانتصاب، وأضرعت مسايفها «١٧» لهول المصاب، انصرف عنها المسلمون بالفتح الذي عظم صيته، والعزّ الذي سما طرفه واشرأبّ ليته، والعزم «١٨» الذي حمد مسراه ومبيته، والحمد لله ناظم الأمر وقد رأب شتيته، وجابر الكسر وقد أفات الجبر مفيته. ثم كان الغزو إلى أمّ البلاد، ومثوى الطارف والتّلاد، قرطبة، وما قرطبة «١٩» ؟ المدينة التي على عمل أهلها في القديم بهذا الإقليم كان العمل، والكرسي الذي بعصاه «٢٠» رعي الهمل، والمصر الذي له في خطّة المعمور النّاقة والجمل، والأفق الذي هو لشمس الخلافة العبشميّة «٢١» الحمل، فخيّم الإسلام بعقوتها «٢٢» المستباحة، وأجاز نهرها