الواسعة، جنود الجوع، وتوعّدت بالرجوع، فسلب «١» أهلها لتوقع الهجوم منزور الهجوع، فأعلامها خاشعة خاضعة، وولدانها لثديّ البؤس راضعة، والله سبحانه يوفد بخبر فتحها القريب ركاب البشرى، وينشر رحمته قبلنا نشرا. [ولهذا العهد يا رسول الله صلّى الله عليك، وبلّغ وسيلتي إليك، بلغ «٢» عن هذا القطر المرتدي بجاهك الذي لا يذلّ من ادّرعه، ولا يضلّ بالسبيل «٣» الذي يشرعه، إلى أن لاطفنا ملك الروم بأربعة من البلاد كان الكفر قد اغتصبها، ورفع التّماثيل ببيوت الله ونصبها، فانجاب عنها بنورك الحلك، ودار بإدالتها إلى دعوتك الفلك، وعاد إلى مكاتبها القرآن الذي نزل به على قلبك الملك] «٤» . ثم «٥» تنوعت يا رسول الله لهذا العهد أحوال العدوّ تنوّعا يوهم إفاقته من الغمرة «٦» ، وكادت فتنته تؤذن بخمود الجمرة، وتوقّع الواقع، وحذر ذلك السمّ الناقع، وخيف الخرق الذي يحار فيه الرّاقع، فتعرّفنا عوائد الله سبحانه ببركة هدايتك، وموصول عنايتك، فأنزل النصر والسّكينة، ومكّن العقائد المكينة، فثابت «٧» العزائم وهبّت، واطّردت «٨» عوائد الإقدام واستتبّت، وما راع العدوّ إلّا خيل الله تجوس خلاله، وشمس الحقّ تقلّص «٩» ظلاله، وهداك الذي هديت «١٠» يدحض ضلاله.
ونازلنا حصني قنبيل والحوائر «١١» ، وهما معقلان متجاوران يتناجى منهما السّاكن سرارا، وقد اتّخذا بين النّجوم قرارا، وفصل بينهما حسام النهر يروق غرارا، والتفّ معصمه في حلّة العصب «١٢» وقد جعل الجسر سوارا، فخذل الصّليب بذلك الثغر من تولّاه، وارتفعت أعلام الإسلام بأعلاه، وتبرّجت عروس الفتح المبين بمجلاه، والحمد لله على ما أولاه. ثم تحرّكنا على تفيئة «١٣» تعدّي ثغر الموسطة على عدوّه المساور في المضاجع، ومصبحه بالفاجىء الفاجع، فنازلنا حصن روطة الآخذ