ولمّا شككنا «١» بشبا الله نحرها، وأغصصنا بجيوش الماء وجيوش الأرض تكاثر نجوم السماء برّها وبحرها، ونازلناها نذيقها شديد النّزال، ونجحنا «٢» بصدق الوعيد في غير «٣» سبيل الاعتزال، رأينا بأوا لا يظاهر «٤» إلّا بالله ولا يطال، ومنعة «٥» يتحاماها الأبطال، وجنابا روّضه الغيث الهطّال. أمّا أسوارها «٦» فهي التي أخذت النّجد والغور، واستعدت بجدال «٧» الجلاد عن البلاد فارتكبت الدّور «٨» ، تحوز بحرا من الاعتمار «٩» ثانيا، وتشكّك أن يكون الإنس لها بانيا. وأمّا أبراجها فصفوف وصنوف، تزيّن صفحات المسايف «١٠» منها أنوف، وآذان لها من دوافع الصخر شنوف «١١» . وأمّا خندقها فصخر مجلوب، وسور مقلوب، فصدقها «١٢» المسلمون القتال بحسب محلّها من نفوسهم، واقتران اغتصابها ببوسهم، وأفول شموسهم، فرشقوها من النبال بظلال تحجب الشمس فلا يشرق سناها، وعرّجوا في المراقي البعيدة يفرعون مبناها، ونقبوها «١٣» أنقابا، وحصبوها «١٤» عقابا، ودخلوا مدينة إلبنة «١٥» بنتها غلابا، وأحسبوا السيوف استلالا والأيدي اكتسابا «١٦» ، واستوعب القتل مقاتلتها السابغة الجنن «١٧» ، البالغة المنن، فأخذهم الهول المتفاقم، وجدّلوا كأنهم الأراقم، لم تفلت منهم عين تطرف، ولا لسان يلبّي من يستطلع «١٨» الخبر أو يستشرف. ثم سمت الهمم الإيمانية إلى المدينة الكبرى فداروا سوارا «١٩» على سورها، وتجاسروا على اقتحام أودية الفناء