هجرة «١» الإسلام بابه، واتّصلت بأهل لا إله إلّا الله أسبابه، فهي اليوم في بلاد الإسلام قلادة النّحر، وحاضرة البرّ والبحر، أبقى الله عليها وعلى ما وراءها من بيوت أمّتك، ودائع الله في ذمّتك، [ظلال عنايتك الواقية، وأمتعها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها]«٢» بكلمة دينك الصّالحة الباقية، وسدل عليها أستار عصمته الواقية. وعدنا والصلاة عليك شعار البروز والقفول، وهجيري الشّروق والأفول.
والجهاد يا رسول الله الشأن المعتمد، ما امتدّ بالأجل الأمد، والمستعان الواحد «٣» الفرد الصمد «٤» .
فوجبت مطالعة مقرّك النبويّ بأحوال هذه الأمة المكفولة في حجرك، المفضّلة بإرادة تجرك، المهتدية بأنوار فجرك. وهل هو إلّا ثمرة «٥» سعيك، ونتائج رعيك، وبركة حبّك، ورضاك الكفيل برضا ربّك، وغمام رعدك، وإنجاز وعدك، وشعاع من نور سعدك، وبذر «٦» يجنى ريعه من بعدك، ونصر رايتك، وبرهان آيتك «٧» ، وأثر حمايتك ورعايتك؟
واستنبت هذه الرسالة مائحة «٨» بحر النّدى الممنوح «٩» ، ومفاتحة باب الهدى بفتح الفتوح، وفارعة «١٠» المظاهر والصّروح، وملقية «١١» الرّحل بمتنزّل الملائكة والرّوح، لتمدّ إلى قبولك «١٢» يد استمناح، وتطير «١٣» إليك من الشّوق الحثيث بجناح، ثم تقف بموقف الانكسار، وإن كان تجرها آمنّا من الخسار، وتقدم بأنس القربة «١٤» ، وتحجم «١٥» بوحشة الغربة، وتتأخّر بالهيبة، وتجهش لطول الغيبة، وتقول ارحم بعد داري، وضعف اقتداري، وانتزاح أوطاني، وخلوّ «١٦» أعطاني، وقلّة زادي،