الذي لا يدرك ساحله، ولا يبلغ الطّيّة «١» البعيدة راحله، إلى الوادي، وسمر النوادي، وقرار دموع الغوادي، المتجاسر على تخطّيه عند تمطّيه الجسر العادي، والوطن الذي ليس من عمرو ولا زيد، والفرا الذي في جوفه كلّ صيد «٢» ، أقلّ كرسيّه خلافة الإسلام، وأغار «٣» بالرّصافة والجسر دار السلام، وما عسى أن تطنب في وصفه ألسنة الأقلام، أو تعبّر به عن ذلك الكمال فنون الكلام، فأعملنا إليها السّرى والسّير، وقدنا إليها النخيل وقد عقد الله «٤» في نواصيها الخير.
ولمّا وقفنا بظاهرها المبهت المعجب، واصطففنا بخارجها المنبت المنجب، والقلوب تلتمس الإعانة من منعم مجزل، وتستنزل مدد «٥» الملائكة من منجد منزل، والركائب واقفة من خلفنا بمعزل، تتناشد في معاهد الإسلام:«قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل «٦» » برز من حاميتها المحامية، ووقود النار الحامية، وبقية السيف الوافرة على الحصاد النامية، قطع الغمائم الهامية، وأمواج البحور الطامية، واستجنّت بظلال أبطال المجال أعداد الرجال النّاشبة والرّامية. وتصدّى للنّزال من صناديدها الصّهب السّيال «٧» أمثال الهضاب الراسية، يجنّها «٨» جنن السّوابغ الكاسية، وقواميسها المفادية «٩» للصّلبان يوم بؤسها بنفوسها المواسية، وخنازيرها التي عدتها عن قبول حجج الله ورسوله ستور الظّلم الغاشية، وصخور القلوب القاسية، فكان «١٠» بين الفريقين أمام جسرها الذي فرق البحر، وحلي بلجينه ولآلىء زينه منها النّحر، حرب لم تنسج الأزمان «١١» على منوالها، ولا أتت الأيام «١٢» الحبالى بمثل أجنّة أهوالها، من قاسها بالفجار أفك وفجر، أو مثّلها بجفر «١٣» الهباءة خرف وهجر، ومن شبّهها بحرب داحس «١٤» والغبراء فما عرف الخبر، فليسأل من جرّب «١٥» وخبر. ومن