للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نظّرها بيوم شعب جبله، فهو ذو بله، أو عادلها ببطن عاقل، فهو «١» غير عاقل، أو احتجّ بيوم ذي قار، فهو إلى المعرفة ذو افتقار، أو ناضل بيوم الكديد، فسهمه غير السديد. إنما كان مقاما غير معتاد، ومرعى نفوس لم يف بوصفه لسان مرتاد، وزلزال جبال أوتاد، ومتلف مذخور لسلطان الشيطان وعتاد، أعلم فيه البطل الباسل، وتورّد «٢» الأبيض الباتر وتأوّد الأسمر العاسل، ودوّم الجلمد المتكاسل، وانبعث «٣» من حدب الحنيّة إلى هدف الرّميّة الناشر الناسل، ورويت لمرسلات السّهام المراسل. ثم أفضى أمر الرّماح إلى التّشاجر والارتباك، ونشبت «٤» الأسنّة في الدّروع نشب «٥» السّمك في الشّباك، ثم اختلط المرعى بالهمل، وعزل الرّدينيّ عن العمل، وعادت السيوف من فوق المفارق تيجانا، بعد أن شقّت غدر السوابغ خلجانا، واتّحدت جداول الدروع فصارت بحرا، وكان التّعانق فلا ترى إلّا نحرا يلازم نحرا، عناق وداع، وموقف شمل ذي انصداع، وإجابة مناد إلى فراق الأبد وداع.

واستكشفت مآل «٦» الصبر الأنفس الشفّافة، وهبّت بريح النصر الطلائع المبشّرة الهفّافة. ثم أمدّ السيل ذلك العباب، وصقل الاستبصار الألباب، واستخلص العزم صفوة اللّباب، وقال لسان النّصر «٧» ادخلوا عليهم الباب، فأصبحت طوائف الكفّار، حصائد مناجل الشّفار، فمغافرهم «٨» قد رضيت حرماتها بالإخفار «٩» ، ورؤوسهم محطوطة في غير مقام «١٠» الاستغفار، وعلت الرايات من فوق تلك الأبراج المستطرفة والأسوار «١١» ، ورفرف على المدينة جناح البوار «١٢» ، لولا الانتهاء إلى الحدّ والمقدار، والوقوف عند اختفاء سرّ الأقدار «١٣» .

ثم عبرنا نهرها، وشددنا «١٤» بيدي «١٥» الله قهرها، وضيّقنا حصرها، [وأدرنا بلآلئ القباب البيض خصرها] «١٦» ، وأقمنا بها أياما تحوم عقبان البنود على فريستها حياما وترمي «١٧» الأدواح «١٨» ببوارها، ونسلّط «١٩»