ولو كان همّا واحدا لبكيته ... ولكنّه همّ وثان وثالث
والله، عزّ وجلّ، يمتّع بأنسكم من عدم الاستمتاع بسواه، وقصر «٢» عليه متشعّب هواه، ويبقي بركة المولى الذي هو قطب مدار هذه الأقمار، والأهلّة، لا بل مركز فلك الملّة، وسجلّ حقوقها المستقلّة، والسلام عليكم، ما حنّت النّيب إلى الفصال، وتعلّلت أنفس المحبّين بذكر أزمنة «٣» الوصال، وكرّت البكر على الآصال، ورحمة الله وبركاته.
وكتبت إلى بعض الفضلاء، وقد بلغني مرضه أيام كان اللحاق بالمغرب:
وردت عليّ من فئتي التي إليها في معرك الدهر أتحيّز، وبفضل فضلها في الأقدار المشتركة أتميّز، سحاءة سرّت وساءت، وبلغت من القصدين ما شاءت، أطلع بها صنيعة ودّه من شكواه على كل عابث في السّويداء، موجب اقتحام البيداء، مضرم نار الشّفقة في فؤاد لم يبق من صبره إلّا القليل، ولا من إفصاح لسانه إلّا الأنين والأليل، ونوى مدّت لغير ضرورة يرضاها الخليل، فلا تسل عن ضنين تطرّقت اليد إلى رأس ماله، أو عابد موزع متقبّل أعماله، وأمل ضويق في فذلكة آماله. لكني رجّحت دليل المفهوم على دليل المنطوق، وعارضت القواعد الموحشة بالفروق، ورأيت الخطّ يبهر والحمد لله ويروق، واللفظ الحسن ومض في حبره للمعنى الأصيل بروق، فقلت: ارتفع الوصب، وردّ من الصّحة المغتصب، وكلّة الحسّ والحركة هو العصب. وإذا أشرق سراج الإدراك حمل على سلامة سليطه، والرّوح خليط البدن والمرء بخليطه، وعلى ذلك فبليد احتياطي لا يقنعه إلا الشّرح، فيه يسكن الظّمأ البرح. وعذرا عن التكليف فهو محلّ الاستقصاء والاستفسار، والإطناب والإكثار. وزند القلق في مثلها أورى، والشّفيق بسوء الظن مغرى.
والسلام.
وخاطبت بعضهم: كتبت إلى سيدي، والخجل قد صبغ وجه يراعي، وعقّم ميلاد إنشائي واختراعي، لمكارمه التي أعيت منّة ذراعي، وعجر في خوض بحرها سفيني وشراعي، فلو كان فضله فنّا محصورا، لكنت على الشكر معانا منصورا، أو على غرض مقصورا، لزارت أسدا هصورا، ولم يكن فكري عن عقائل البيان