ثم أحال اللّحن إلى لون التّنويم، فأخذ كلّ في النّعاس والتّهويم، وأطال الجسّ في الثّقيل، عاكفا عكوف الضّاحي في المقيل، فخاط عيون القوم، بخيوط النّوم، وعمر بهم المراقد، كأنّما أدار عليهم الفراقد، ثم انصرف، فما علم به أحد ولا عرف. ولمّا أفاق الرشيد جدّ في طلبه، فلم يعلم بمنقلبه فأسف للفراق، وأمر بتخليد حكمه في بطون الأوراق. فهي إلى اليوم تروى «١» وتنقل، وتجلى القلوب بها وتصقل، والحمد لله ربّ العالمين.
هذا «٢» ما حضرني «٣» من المنثور والمنظوم «٤» ، وحظّه عندي في الإفادة «٥» حظّ ضعيف، وغرضه، كما شاء الله تعالى «٦» ، سخيف، لكن الله سبحانه «٧» بعباده لطيف، [سبحانه لا إله إلّا هو]«٨» .
مولدي: في الخامس والعشرين لرجب عام ثلاثة عشر وسبعمائة «٩» ، وكم بالحيّ ممّن ذكرته ألحق بالميت، وبالقبر قد استبدل من البيت، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
قلت «١٠» : هنا انتهى هذا التأليف المسمّى ب «الإحاطة في تاريخ غرناطة» بالاختصار، وتحصل منه ما أردناه من هذا المقدار، ووهبناه للناظر فيه هبة ليست بهبة اعتصار، بل هي لتحصيله ذات انتصار. ولمّا لم يمكنه أن يعرّف بمحنته ووفاته، رأيت أنا بعده أن أعرّف بذلك في مختصري هذا على مهيعه، وعادته، فأقول:
محنته ووفاته: رأيت تعليقا بخط بعض العدول المعاصرين، الأذكياء المحاضرين، الأدباء المجيدين، الطرفاء المقيدين، وهو صاحبنا أبو عبد الله ... «١١» الوادي آشي، حفظه الله، طرفة زمان، وحفظة أوان، وهو ما نصّه