السفاهة «١» التي جاء بها سليمان، واعتدّوها من هناته، وعظم النكير فيها عليه وعلى قومه وأهل دولته. والله فعال «٢» لما يريد. وكان، عفا الله عنه، أيام امتحانه بالسجن، يتوقّع مصيبة الموت، فيتجيش «٣» هواتفه بالشعر «٤» يبكي نفسه. وممّا قال في ذلك:[المتقارب]
بعدنا وإن جاورتنا البيوت ... وجئنا بوعظ «٥» ونحن صموت
فكم جدّلت «١١» ذا الحسام الظّبا ... وذو البخت كم جدّلته البخوت
وكم سيق للقبر في خرقة ... فتى ملئت من كساه التّخوت
فقل للعدا: ذهب ابن الخطيب ... وفات ومن «١٢» ذا الذي لا يفوت
فمن «١٣» كان يفرح منهم «١٤» له ... فقل: يفرح اليوم من لا يموت
انتهى من السفر الأخير منه، حيث عرّف بنفسه وبشيوخه، رحمة الله على الجميع.
قلت: وهنا انتهى ما قصدناه، وتمّ بحول الله ما أردناه واستوفيناه واستلحمناه، وذلك بغرناطة أقالها الله وصانها، وعمر بالعلماء الأعلام، وصالحي الإسلام، عمرانها، وبتاريخ أوائل شهر ربيع الآخر من عام خمسة وتسعين وثمانمائة، والحمد لله، وسلام على عباده الذين اصطفى.