الحمد لله، من كتاب «نفاضة الجراب» لابن الخطيب المذكور، رحمه الله، الذي ألّفه بالعدوة بعد صرفه عن الأندلس، واستقراره بالعدوة بآخرة من عمره، وقرب وفاته، ولذلك سمّاه «نفاضة الجراب» ، قال في أثنائه ما نصّه:
وإلى هذا العهد صدر عني من النظم والنثر بحال القلعة، ومكان الغمرة، رسائل إخوانية، ومقطوعات أدبية، نثبتها إحماضا وإراحة؛ لتعيد مطالع هذا جماما، أو تهدي إليه أنسا، والحمد لله على البأساء والنّعماء: [المتقارب]
جزتني غرناطة بعد ما ... جلوت محاسنها بالجلا
ولم تبق جاها ولا حرمة ... ولم تبق مالا ولا منزلا
كأني انفردت بقتل الحسين ... وجرّدت سيفي في كربلا
ولم أجن ذنبا سوى أنني ... صدعت بأمداحها في الملا
وأني صنعت فيها الغريب ... فصرت الغريب أجوب الفلا
يمينا لقد أنكرت ما جرى ... نفوس الورى وأبته العلا
وما خصّني زمني بالعقوق ... فكم خصّ «١» من فاضل مبتلى
أإن ظهرت نعمة الإله ... عليّ فألبست منها حلا
أإن قرّبتني الملوك الكرام ... يقلّد آخرها الأوّلا
وإن مكّنتني من أمرها ... فشمت السيوف وصنت الطّلا
وقابلت بالشكر منها الصنيع ... وحاشى لمثلي أن يغفلا
فأقسم بالله لولا أنوفا ... لجرّدت من مقولي منصلا
يقدّ الدروع ويخلي الدموع ... ويلقي على من عدا الله ركلا
فيترك في الناس أمثاله ... تجدّ على رغم أنف البلا
ولا خلق أجهل ممن يظنّ ... بمقدار مثلي أن يجهلا
وما «٢» ركبت الدّجى إذ سما ... يقلّد للنّجم نصرا كلا
وكان لساني سيفا صقيلا ... وكانت يراعي قنا ذبّلا
ولكن ليأت «٣» بصبر جميل ... قضاء الذي لم يزل مجملا
وحاسبت نفسي فيما أمرّ ... فألفيته البعض فيما خلا