أدلى، وسمعها دينه عدلا، وحقّ القول، واستقرّ الهول، ووجبت اليمين، أو الأداء الذي يفوت له الذخر الثمين، أو الرهن أو الضّمين، أو الاعتقال الذي هو على أحدهما كالأمين؛ نهش الصّل، الذي سليمه لا هل، ولسبت العقارب، التي لا يفلتها الهارب، ولا تخفى منها المشارب؛ وكم تحت ظلام الليل من غرارة يحملها غرّ، وصدّه ريح فيها صرّ؛ ويهدي ارتقاب قلّة شهد، وكبش يجرّ بقرنيه، ويدفع بعد رفع ساقيه؛ ومعزى وجدي وقلائد، وسرب دجاج، ذوات بجاج، يفضحن الطّارق، ويشعثن المفارق، فمتى يستفيق سيدي مع هذا اللّغط العائد بالصّلة، واللهو المتّصلة، وتفرغ يده البيضاء لأعمال ارتياض، وخطّ سواد في بياض، أو حنين لدوح أو رياض؛ أو إمتاع طرف، باكتشاف حرف، أو إعمال عدل لرسول في صرف، أو حشو طرف، بتحفة ظرف؛ شأنه أشدّ استغراقا، ومثواه أكثر طراقا، من ذكرى حبيب ومنزل «١» ، وأمّ معدّل؛ وكيف يستخدم القلم الذي يصرف ماء الحبر، بذوب التّبر، في ترّهات عدم جناها؛ وأقطع جانب الخيبة لفظها ومعناها؛ اللهمّ إلا أن تحصل النفس على كفاية تحتم لها الصّدر، ويشام من خلالها اللّجين الرفيع القدر، أو يحيى للفكاهة والأنس، أو ينفق لديها ذمام على الجنس؛ فربما تقع المخاطبة المبرورة، وتبيح هذا المرتكب الصعب الضرورة؛ والمرغوب من سيّدنا القاضي أن يذكرنا يوما بالإغفال في نعيمه، ولا يخيّب آمالنا المتعلّقة بأذيال زعيمه، ويسهمنا حظّا من فرائد خطّه، لا من فوايد خطّته، ويجعل لنا كفلا من فضل بريته وحنطته لا من فضل هرّته وقطّته؛ فقد غنينا عن الحلاوات بحلاوات لفظه، وعن الطرف المجموعة، بفنون حفظه، وعن قصب السّكر، بقصب أقلامه؛ وعن جنى الرّوم بروامه، وبهديه، عن جديه؛ وبمجاجته، عن دجاجته؛ وبدلجه عن أترجّه؛ وعن البر ببرّه، وعن الحبّ بحبّه؛ ولا نأمل إلّا طلوع بطاقته، وقد رضينا بوسع طاقته؛ وإلّا فلا بدّ أن يجيش جيش الكلام إلى عتبه، ونوالي عليه ضرايب الكتائب، حتى يتّقي بضريبة كتبه، والسلام» .
فراجعني بما نصه:[الطويل]
فنيت عن الإنصاف منّي لأنني ... كما قلت لكم من فراقكم قاض
فمن سمعنا أو من بعينك إنني ... بكلّ الذي ترضاه يا سيدي راض