«ولد رضي الله عنه، في الساعة المباركة بين يدي الصبح من يوم الجمعة سابع عشر شوّال «١» عام سبعة وسبعين وستمائة، وبويع يوم الخميس السابع والعشرين لشوّال عام ثلاثة عشر وسبعمائة، واستشهد في يوم الاثنين السادس والعشرين لشهر رجب «٢» عام خمسة وعشرين وسبعمائة. فسبحان الملك الحق، الباقي بعد فناء الخلق» .
وبعده من جهة اللوح الأخير «٣» : [البسيط]
تخصّ قبرك يا خير السلاطين ... تحيّة كالصّبا مرّت بدارين
قبر به من بني نصر إمام هدى ... عالي المراتب في الدنيا وفي الدين
أبو الوليد، وما أدراك من ملك ... مستنصر واثق بالله مأمون
سلطان عدل وبأس غالب وندى ... وفضل تقوى وأخلاق ميامين
لله ما قد طواه الموت من شرف ... وسرّ مجد بهذا اللحد مدفون
ومن لسان بذكر الله منطلق ... ومن فؤاد بحبّ الله مسكون
أما الجهاد فقد أحيا معالمه ... وقام منه بمفروض ومسنون
فكم فتوح له تزهى «٤» المنابر من ... عجب بهنّ وأوراق الدواوين
مجاهد نال من فضل الشهادة ما ... يجبي عليه بأجر غير ممنون
قضى كعثمان في الشهر الحرام ضحى ... وفاة مستشهد في الدار مطعون
في عارضيه غبار الغزو تمسحه ... في جنّة الخلد أيدي حورها العين
يسقى بها عين تسنيم «٥» ، وقاتله ... مردّد بين زقّوم وغسلين
تبكي البلاد عليه والعباد معا ... فالخلق ما بين أحزان أفانين
لكنه حكم ربّ لا مردّ له ... فأمره الجزم بين الكاف والنون
فرحمة الله ربّ العالمين على ... سلطان عدل بهذا القبر مدفون
بعض ما رثي به: وعظمت «٦» فيه فجيعة المسلمين لما ثكلوا من جهاده وعزمه، وبلوه من سعده وعزّ «٧» نصره، فكثرت فيه المراثي، وتراهنت «٨» في شجوه القرائح، وبكاه الغادي والرائح. فمن المراثي التي أنشدت على قبره، قول كاتبه شيخنا