، فكان القلب مع الأمير ووجوه المرابطين وأصحاب الطاعات؛ وعليه البنود الباسقات، مكتّبة «٣» بالآيات، وفي المجتبين «٤» كبار الدولة من أبطال الأندلس، عليهم حمر الرّايات بالصور الهائلة «٥» ، وفي الجناحين أهل الثغر والأوشاب من أهل الجلادة، عليهم الرّايات المرقّعات بالعذبات المجزّعات. وفي المقدمة مشاهير زناته ولفيف الحشم بالرايات المصبغات المنبّقات «٦» . والتقى الجمعان، ونزل الصبر، وحميت النفوس، واشتدّ الضرب والضراب وكثرت الحملات؛ فهزم الله الكافرين، وأعطوا رقابهم مدبرين، فوقع القتل، واستلحم العدوّ السيف، واستأصله الهلاك والأسار؛ وكان فتحا جليلا لا كفاء له، وصدر الأمير تاشفين ظافرا إلى «٧» بلده في جمادى من هذا العام. ولو ذهبنا لاستقصاء حركات الأمير تاشفين وظهوره لاستدعى ذلك طولا كثيرا.
بعض ما مدح به: فمن ذلك «٨» : [الكامل]
أمّا وبيض الهند عنك خصوم ... فالرّوم تبذل ما ظباك تروم
تمضي سيوفك في العدا ويردّها ... عن نفسه حيث الكلام وخيم «٩»
وهذه القصائد قد اشتملت على أغراضها الحماسية، والملك سوق يجلب إليها ما ينفق عندها.
وفاته: قد تقدّم انصرافه عن الأندلس سنة إحدى وثلاثين وخمسماية، وقيل:
سنة اثنتين «١٠» ، واستقراره بمرّاكش مرءوسا لأخيه سير، إلى أن أفضى إليه الأمر بعد أبيه. قال: واستقبل تاشفين مدافعة جيش أمير الموحدين، أبي محمد عبد المؤمن بن