وكان قبله قد تغنّى بها ابن جبير، صاحب الرحلة، فقال «١» : [مجزوء الرمل]
يا دمشق الغرب هاتي ... ك، لقد زدت عليها
تحتك الأنهار تجري ... وهي تنصبّ إليها
وترجم لثلاث وتسعين وأربعمائة شخصية أندلسية، ممّن حكموا غرناطة، أو وفدوا إليها من المغرب أو المشرق، من ملوك، وأمراء، وأعيان، وولاة، ووزراء، وقضاة، وعلماء، وزهّاد، وصوفيّة ... ولم ينس أن يكتب سيرته الذاتية في آخر الكتاب، ولكنها ترجمة موجزة تناولت نسبه ومولده ونشأته وتقلّده الوزارة لأبي الحجّاج يوسف النّصري ثم لولده الغني بالله، ونكبته مع الغني وهجرته إلى المغرب، ثم عوده مع الغني سنة ٧٦٣ هـ، ثم مشيخته، ومؤلّفاته، وإيراده بعض شعره.
والكتاب لم يكتب دفعة واحدة؛ فقد بدأ بجمعه قبل نفيه مع سلطانه الغني بالله سنة ٧٦١ هـ، واستأنف العمل فيه بعد عودته من المنفى سنة ٧٦٣ هـ، فراجعه وزاد فيه فجعله في ستة مجلدات. وظلّ يضيف إليه وينقّح فيه حتى عام ٧٧١ هـ، تاريخ غزوة الغني بالله لأحواز مدينة إشبيلية التي كانت آنذاك في قبضة الإسبان «٢» . وقد يكون زاد فيه بعد هذا التاريخ، ونرجّح أن يكون انتهى من تأليفه سنة ٧٧٢ هـ، أي قبل فراره إلى المغرب بسنة.
وقد استعمل ابن الخطيب غير تسمية للكتاب، فذكره، إلى جانب العنوان الذي وضعناه له، باسم «الإحاطة، في تاريخ غرناطة» وقال: إنه في سبعة أسفار «٣» ، ثم ذكره باسم «الإحاطة بما تيسّر من تاريخ غرناطة» وقال: إنه كتاب كبير في تسعة أسفار «٤» . ثم عاد واختصره باسم «تاريخ غرناطة» وقال: إنه في اثني عشر سفرا «٥» .
وقد استعمل ابن الخطيب هذه التسمية الأخيرة المختصرة في مواطن كثيرة. وفي كتابه «اللمحة البدرية» ذكر اسم كتاب عنوانه: «الإماطة، عن وجه الإحاطة، فيما أمكن من تاريخ غرناطة»«٦» . ثم عاد وذكره في كتابه المذكور عند حديثه عن عوائد أهل غرناطة وأوصافهم، فقال العبارة التالية:«من كتاب الإماطة، عن وجه الإحاطة، فيما أمكن من تاريخ غرناطة»«٧» . ثم أورد هذه العبارة نفسها في كتاب الإحاطة «٨» . ونحن،