بدورنا، نميل إلى أن كتاب «الإماطة» هو اسم آخر لكتاب «الإحاطة» أو هو مختصر كتاب «الإحاطة» ؛ لأنّ ابن الخطيب لم يذكر «الإماطة» في ثبت كتبه في آخر «الإحاطة» .
والترتيب الذي اعتمده هو ذكر الحاضرة غرناطة، ووصف محاسنها والحديث عن الذين سكنوها وتولّوها، ملتزما الترتيب الأبجدي لأصحاب التراجم، لا الترتيب التاريخي. وقدّم للكتاب، وجعله قسمين، القسم الأول في حلي المعاهد والأماكن والمنازل والمساكن، والقسم الثاني في حلي الزائر والقاطن والمتحرّك والساكن «١» .
وبعد أن انتهى من مقدمة الكتاب بدأ في القسم الأوّل بفصل يدور حول اسم مدينة غرناطة، فقدّم لنا وصفا جغرافيّا دقيقا لهذه المدينة «٢» ، ثم تناول تاريخها منذ أن نزلها العرب أيام الفتح حتى سلاطين بني نصر «٣» . وذكر قراها، وقال: إنها تنوف على ثلاثمائة قرية «٤» . ثم انتهى إلى فصل ثان ذكر فيه سير أهل غرناطة وأخلاقهم وأحوالهم وأنسابهم وجندهم وزيّهم «٥» . وأنهى القسم الأول بفصل ثالث حصره فيمن تداول هذه المدينة منذ أصبحت دار إمارة «٦» . ثم بدأ القسم الثاني، ويتناول الذين ترجم لهم، وعقد في آخره ترجمة مختصرة لنفسه.
والكتب التي اعتمدها ابن الخطيب في جمع مادته كثيرة، أهمها تاريخ أبي عبد الله محمد بن جزي الغرناطي، الذي شرع في أثناء مقامه بفاس بكتابة تاريخ عام لبلده غرناطة، ولكنه مات سنة ٧٥٧ هـ قبل أن يتمّه. وقد صرّح ابن الخطيب بأنه اطّلع على هذا الكتاب بمدينة فاس عندما قام بسفارة إلى المغرب سنة ٧٥٥ هـ، وسار على منهاجه عند تأليف «الإحاطة»«٧» . أضف إلى ذلك الوثائق والمعلومات التي اعتمدها والتي أخذها من معاصريه ذوي الشأن.
ويعدّ كتاب «الإحاطة» من أهم المصادر الأندلسية في التراجم والتاريخ..؛ فهو من جهة معجم في التراجم، ومن جهة ثانية كتاب في التاريخ، إلّا أنه كتاب تراجم أكثر منه كتاب تاريخ. وبرغم ذلك، فإنه يلقي علينا الضوء على أهم ظاهرة اجتماعية كانت منتشرة في أيامه في بلاد المغرب والأندلس معا، ألا وهي مصارعة الثيران؛ فقد ذكر أنه حضر في المغرب في عهد أبي عنان فارس بن أبي الحسن بن أبي سعيد بن