حالهم: كانوا عيونا من عيون الأدب بالأندلس، ممّن اشتهروا بالظرف، والسّرو والجلالة. وقال أبو الحسن بن بسّام وقد ذكر أبا بكر منهم، فقال «١» : أحد فرسان الكلام «٢» ، وحملة السيوف والأقلام، من أسرة أصالة، وبيت جلالة، أخذوا العلم أولا عن آخر، وورثوه كابرا عن كابر. ثلاثة كهقعة الجوزاء، وإن أربوا عن الشهر «٣» في السّنا والسناء «٤» . كتب أبو محمد عبد العزيز وأخواه عن ملك لمتونة، ودخلوا معه غرناطة. ذكر ذلك غير واحد. واجتزأت بذكر أبي محمد، وأتبعه أخويه اختصارا.
شعره: من شعر أبي محمد، قوله في الاستدعاء «٥» : [المتقارب]
هلمّ إلى روضنا يا زهر «٦» ... ولح في سماء المنى «٧» يا قمر
وفوّق «٨» إلى الأنس سهم الإخاء ... فقد عطّلت قوسه والوتر «٩»
إذا لم تكن عندنا حاضرا ... فما بغصون «١٠» الأماني ثمر «١١»
وقعت من القلب وقع المنى ... وحزت «١٢» من العين حسن الحور
قال أبو نصر «١٣» : بات مع أخويه في أيام صباه، واستطابة جنوب الشّباب وصباه، بالمنية المسمّاة بالبديع، وهي «١٤» روض كان المتوكل يكلف بموافاته، ويبتهج بحسن صفاته، ويقطف ريحانه «١٥» وزهره، ويقف «١٦» عليه إغفاءه وسهره، ويستفزّه الطرب متى ذكره، وينتهز فرص الأنس فيه روحاته وبكره، ويدير حميّاه على ضفة نهره، ويخلع سرّه فيه لطاعة جهره، ومعه أخواه، فطاردوا اللذّات حتى أنضوها، ولبسوا برود السرور فما «١٧» نضوها، حتى صرعتهم العقار، وطلّحتهم تلك