عزمه وتحفه «١» ، ولحق في موضع اختلاله، إلى أن صرفه عنه، وعقد له صلحا، ففازت به قداح الإسلام، وتخلّصه من بين ناب العدو وظفره؛ فكان الفتح عظيما لا كفاء له.
بعض الأحداث في دولته: وفي شهر المحرم «٢» من عام سبعة وعشرين وسبعمائة، نشأت بين المتغلّب «٣» على دولته، وزيره، وبين شيخ الغزاة وأمير القبائل العدوية، عثمان بن أبي العلاء، الوحشة وألحقت ريحها السعايات، فصبّت على المسلمين شؤبوب فتنة عظم فيهم أثرها «٤» معاطبا، وسئم الانصراف عن الأندلس، فلحق «٥» بساحل ألمريّة، وأحوزته المذاهب وتحامت جواره الملوك، فداخل «٦» أهل حصن أندرش، فدخل في طاعته، ثم استضاف «٧» إليه ما يجاوره، فأعضل الدّاء، وتفاقمت اللأواء، وغامت سماء الفتنة «٨» ، واستنفد خزائن الأموال المستعدة لدفاع العدو، واستلحق الشيخ أبو سعيد عمّ السلطان، وقد استقرّ بتلمسان، فلحق به، وقام بدعوته في أخريات صفر عام «٩» سبعة وعشرين وسبعمائة؛ واغتنم الطاغية فتنة المسلمين فنزل ثغر بيرة «١٠» ، ركاب الجهاد، وشجى العدو، فتغلّب عليه، واستولى على جملة من الحصون التي تجاوره، فاتّسع نطاق الخوف «١١» ، وأعيا داء الشّر، وصرف إلى نظر «١٢» ملك المغرب، في أخريات العام، رندة ومربلّة وما يليهما «١٣» ، وتردّدت الرسائل بين السلطان وبين شيخ الغزاة، فأجلت «١٤» الحال عن مهادنة، ومعاودة للطاعة، فصرف أميرهم أدراجه إلى العدوة، وانتقلوا إلى سكنى وادي آش على رسم الخدمة والحماية على شروط مقرّرة؛ وأوقع السلطان بوزيره، وأعاد الشيخ إلى محلّه من حضرته؛ أوائل عام ثمانية وعشرين بعده، واستقدم القائد الحاجب أبا النعيم رضوان من أعاصم حباليه