للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله، الأمير يريد كذا، ولا بدّ له من ذلك، وأنا وكيله عليك في هذا، فقال: حسبنا الله ونعم الوكيل. ولا خفاء ببراعة هذا التوقيع، وغرابة مقاصده، ومجالسه على الأيام معمورة بهذا ومثله.

الملوك على عهده: بالمغرب»

السلطان الجليل إبراهيم ابن السلطان أبي الحسن ابن السلطان أبي سعيد ابن السلطان أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق. تولّى ملك المغرب حسبما تقدم في اسمه «٢» ، وألقى إليه بالمقاليد، واستوسقت له الطاعة، وبحسب ما بثّ الله من اشرباب «٣» الخلق إليه، وتعطّشهم إلى لقائه، ورغبتهم في إنهاضه إلى ملك أبيه، كان انقلابهم إلى ضد هذه الخلال، شرقا بأيامه وإحصاء لسقطاته، وولعا باغتيابه وتربصا لمكروه به، إذ أخفقت فيه الآمال، واستولت الأيدي من خدّامه على ملكه. وقيّض الله لإبادة أمره، وتغيّر حاله وهدّ ركنه، الخائن الغادر نسمة السوء وقذار ناقة الملك، وصاعقة الوطن وحرد السّيد عمر بن عبد الله بن علي «٤» مؤتمنة على البلد الجديد، دار ملكه ومستودع ماله وذخيرته، فسدّ الباب دونه، وجهر بخلعانه. وفض في اتّباع الناعق المشؤوم سور ماله، وأقام الدّعوة باسم أخيه أبي عمر، ذي اللّوثة، الميؤوس من إفاقته، وذلك ضحوة اليوم الثامن عشر لشوال من عام اثنين وستين وسبعمائة. وبادر السلطان أبو سالم البيعة من متحول سكناه بقصر البلد القديم «٥» ، وصابر الأمر عامة اليوم. ولمّا جنّ الليل، فرّ لوجهة، وأسلم وزراءه وخاصّته، وقيّدت خطاه الخيريّة، فأوى إلى بعض البيوت، وبه تلاحق متبوعه، فقيد إلى مصرعه السّوء بظاهر بلده، وحز رأسه، وأوتي به إلى الغادر. وكان ما بين انفصال السلطان عنه مودّعا إلى الأندلس بإعانته، ومطوّق فضل تلقيه وقفوله وحسن كفالته، ثمانية أشهر ويوم واحد. واستمرّت دعوة أخيه المموّه به إلى الرابع والعشرين من صفر من عام ثلاثة وستين وسبعمائة،