واستدعي من باب قشتالة الأمير محمد أبو زيّان ابن الأمير أبي زيد بن عبد الرحمن ابن السلطان المعظّم أبي الحسن. وقد استقرّ نازعا إليه أيام عمّه السلطان أبي سالم، وقع عليه اختيار هذا الوزير الغادر، إذ وافق شنّ تغلّبه طبق ضعفه «١» ، وأعمل الحيلة في استجلابه، فوصل حسب غرضه، وأجريت الأمور باسمه، وأعيد أخوه المعتوه إلى مكانه، واستمرّت أيام هذا الأمير مغلوبا عليه، مغرى بالشراب على فيه وبين الصّحب إلى أن ساءت حاله، وامتلأت بالموجدة على الوزير نفسه، فعاجله بحتفه، وباشر اغتياله، وأوعز إلى خدامه بخنقه، وطرحه بحاله في بعض سواقي قصره، متبعا ببعض أواني خمره، يوهم بذلك قاتله، تردّيه سكرا، وهويه طفوحا.
ووقف عليه بالعدول عند استخراجه، وندب النّاس إلى مواراته، وبايع يومه ذلك أبا فارس عبد العزيز وارث ملك أبيه السلطان أبي الحسن، المنفرد به، وخاطب الجهات بدعوته، وهو صبيّ ظاهر النبل والإدراك، مشهور الصّون، وأعمل الحيلة لأول أمره، على هذا الوزير مخيف أريكة ملكه، ومظنّة البدا في أمره، فطوّقه الحمام واستأصل ما زراه من مال وذخيرة، شكر الله على الدولة صنيعة، وفي ذلك يقول:[الطويل]
لقد كان كالحجاج في فتكاته ... تحاذره البرّاء دوما وتخشاه
تغدّى به عبد العزيز مبادرا ... وعاجله من قبل أن يتعشّاه
وكان بعده وليّه الحق ونصيره لا إله إلّا هو. وهو اليوم ملك المغرب، مزاحما بابن أخيه، السلطان أبي سالم، المعقود البيعة بمرّاكش وما إليها، جمع الله شتات الإسلام، ورفع عن البلاد والعباد مضرّة الفتنة.
وبتلمسان السلطان أبو حمو موسى ابن الأمير أبي يعقوب يوسف «٢» بن عبد الرحمن بن يحيى بن يغمراسن بن زيّان. حسبما كان في الدولة الأولى، متفقها منه على خلال الكرم والحزم، مضطلعا بأمره والقيام على ما بيده.
وبتونس «٣» ، الأمير أبو سالم إبراهيم ابن الأمير أبي يحيى بن أبي حفص، حسبما تقدم ذكره.